المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيهًا ومنبّهًا ابني الحجّاج اجتمعوا، ومن اجتمع معهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلّموه وخاصموه حتى تعذروا فيه، فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك، فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعًا وهو يظنّ أنه بدا لهم في أمره بدء، وكان عليهم حريصًا يحبّ رشدهم، حتى جلس إليهم فقالوا: يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله لا نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وسفّهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرّقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بينك وبيننا، فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تطلب الشرف فينا سوّدناك علينا، وإن كنت تريد ملكًا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الأمر الذي بك رئي تراه حتى قد غلب عليك لا تستطيع ردّه، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك، وكانوا يسمّون التابع من الجن الرئي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف عليكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليّ كتابًا، وأمرني أن أكون لكم بشيرًا ونذيرًا، فبلّغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوه مني فهو حظكم في الدنيا والآخرة،