وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: (بينا أنا أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حرث بالمدينة وهو متوكّئ على عسيب، إذ مرّ اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فسألوه فأمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يردّ عليهم شيئًا، فعلمت أنه يوحى إليه فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الآية) .

قال ابن كثير: وهذا البيان يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه: قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية.

وعن ابن عباس في قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية، وذلك (أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا عن الروح، وكيف تعذّب الروح التي في الجسد؟ وإنما الروح من الله؛ ولم يكن نزل عليه شيء فلم يُحِرْ إليهم شيئًا، فأتاه جبريل فقال له: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ،

فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: «جاءني به جبريل من عند الله» . فقالوا: والله ما قاله لك إلا عدوّنا، فأنزل الله: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015