والأرض، فإذا أجابوك فقل أنت أيضًا يا محمد: {اللهُ}
ثم قال الله لهم لزامًا للحجة {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء} معناه أنتم مع إقراركم بأن الله خالق السماوات والأرض اتخذتم من دونه أولياء فعبدتموهم من دون الله؟ يعني: الأصنام، وهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور؟ قال مجاهد: أما الأعمى والبصير: فالكافر والمؤمن، وأما الظلمات والنور: فالهدى والضلالة، {أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} ، قال مجاهد: خلقوا كخلقه فحملهم ذلك على أن شكّوا في الأوثان. وقال البغوي: {أَمْ جَعَلُواْ} ، أي: جعلوا لله شركاء {خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} ، أي: اشتبه ما خلقوه بما خلقه الله تعالى، فلا يدرون ما خلق الله وما خلق آلهتهم. {قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} . قال ابن كثير: (وإنما عبد هؤلاء المشركون معه آلهة، هم معترفون أنها مخلوقة له عبيد له، كما كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، وكما أخبر تعالى عنهم في قوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، وقال تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} فإذا كان سَمّوا الجميع عبيدًا، فلم يعبد بعضهم بعضًا) . انتهى ملخصًا.
قوله عز وجل: {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ
النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) } .