الدرجة الثانية من الإيمان بالقدر: الإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن هذا الوجود لا يكون فيه من حركة، ولا سكون، ولا تقديم، ولا تأخير، ولا وجود صغير، ولا كبير إلا بمشيئة الله سبحانه، وهذه المرتبة مضمونها الإيمان بعموم مشيئة الله؛ لأن مشيئة الله عامة، لا يخرج عنها شيء لا أفعال العباد، ولا الحيوان ولا غيرها. وهذه المرتبة الثالثة من مراتب القدر.
والمرتبة الرابعة: ـ وهي: الشيء الثاني من الدرجة الثانية ـ: الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأنه على كل شيء قدير، فهو خالق السموات والأرض ومن فيهن، وما بينهما من الذوات والصفات والأفعال، خالق العرش وما دون العرش {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(62) سورة الزمر].
الخلاصة: أن الإيمان بالقدر لا يتم إلا بهذه الأمور الأربعة، وتسمى مراتب الإيمان بالقدر، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر على هذا الوجه بمراتبه الأربعة.
وأما المنكرون للقدر فهم طائفتان:
غلاة أنكروا العلم والكتاب، ويقولون: إن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها، ومعنى هذا: أنه لم يقدر الأشياء، ولم يكتب ما سيكون، كما ينكرون عموم المشيئة، وعموم الخلق، ويُخْرِجون أفعال العباد عن مشيئة الله وخلقه.
وهذا مذهب قدماء القدرية وغلاتهم.
أما المتوسطون منهم فينكرون المرتبة الثالثة والرابعة، وهي: عموم المشيئة، والخلق، ومنهم: المعتزلة، فينكرون عموم المشيئة، وعموم الخلق، فيُخْرِجون أفعال العباد عن مشيئة الله، فعندهم أن أفعال العباد ليست بمشيئة الله، والعبد يتصرف بغير مشيئة الله، والله لا يقدر أن يغيِّر من حال الإنسان شيئا، فيتضمن ذلك تعجيز الرب تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.