هذه الشفاعة الكبرى التي يتراجع عنها الأنبياء، ويتقدم لها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لعظيم منزلته عند ربه.

والشفاعة الثانية: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، ويجري نحو ما جرى من تدافع وتراجع الأنبياء عن الشفاعة في ذلك، فيشفع ـ أيضا ـ لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة (?)، وفي كل ذلك إظهار لشرفه - صلى الله عليه وسلم -، وإعلاء لقدره، وإظهار لكرمه على ربه.

وهاتان الشفاعتان ـ شفاعته في أهل الموقف أن يقضى بينهم، وشفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ـ خاصتان به لا يشركه فيهما أحد من الأنبياء، ولا غيرهم.

والثالثة: الشفاعة في أهل الكبائر فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، وهذه الشفاعة له، ولغيره من الأنبياء، والصديقين، والشهداء، والصالحين، والملائكة.

وهذه الشفاعة هي التي ينكرها أهل البدع كالخوارج والمعتزلة؛ لأن ذلك يناقض أصلهم، وتقدم (?) أن من أصولهم أن أهل الكبائر لا بد لهم من دخول النار، والخلود فيها فتمتنع الشفاعة كما تمتنع في المشركين {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [(18) سورة غافر] {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [(48) سورة المدثر]. فجعلوا مرتكب الكبيرة كذلك لا تنفعه شفاعة الشافعين.

وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله، ويثبتون هذه الشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرها، لكن هذه أهمها وأبرزها، ولهذا اقتصر الشيخ عليها فاثنتان خاصتان به، والثالثة مشتركة، ولكن له منها الحظ الأوفر، فإنه ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - يشفع أربع مرات، يقول:" فأشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015