يُلقى فيها حتى يلقي الله تعالى عليها جماعة من أهل النار، وفوجا كثيرا حتى يغطيها ويملأها بها.
وهذا خلاف ما فهمه السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، وخلاف ما يدل عليه السياق، ثم إن رواية " عليها قدمه " توضح، وتدفع هذا التحريف.
ومضمون هذا الحديث قد جاء أصله في القرآن: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [(30) سورة ق] فهذه الآية شاهدة لما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكلام الله، وكلام رسوله يصدق بعضه بعضا، لا تزال جهنم يلقى فيها يعني أهلها، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ} [(8) سورة الملك] أهل جهنم يُلقَون فيها إلقاء، ويطرحون طرحا، {أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَاتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(40) سورة فصلت]
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال جهنم" هذا الفعل يدل على الاستمرار ـ يعني ـ أنها تبقى، وتستمر تطلب المزيد "حتى يضع رب العزة فيها رِجْله" في بمعنى: على، كما في الرواية الأخرى "عليها قدمه " فينزوي بعضها إلى بعض أي: تتضايق فتمتلئ، وتقول: قط قط، يعني: يكفي يكفي، نعوذ بالله من النار.
وفي هذا تحقيق لوعده سبحانه وتعالى؛ فإنه قد وعد الجنة والنار بملئهما؛ إذ قال للجنة: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها" (?).
فالنار يضيقها الرب حتى تمتلئ، وأما الجنة فإذا دخل أهل الجنة يبقى فيها فضل، فهي واسعة مع كثرة من يدخلها من عباد الله، ومع ذلك يبقى فيها فضل، فينشئ الله لها أقواما، فيسكنهم الجنة برحمته سبحانه تعالى (?).