والزبور على داود - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن ـ الكتاب المصدق لما بين يديه من الكتب ـ على محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ كلها كلام الله، منزلة من عند الله.

قال الله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} وقال تعالى {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} فهو كلام الله، وإضافة القرآن إلى الله من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كعلمه، وسمعه، وبصره، وحياته، ووجهه، ويديه.

والمعطلة نفاة الكلام يقولون: هذا القرآن مخلوق، وهذا ما أنكره عليهم أئمة الإسلام، وكَفَّروا من قال: القرآن مخلوق. وصبر الذين امتحنوا في أمر القرآن؛ ليقولوا بأن القرآن مخلوق، وعلى رأس هؤلاء الإمام أحمد إمام أهل السنة الذي امتحن بالضرب، والسجن؛ ليقول القرآن مخلوق، فأبى على الجهمية، وصبر على أذاهم، فلا غرو أن حاز ذلك اللقب "إمام أهل السنة"، فرحمه الله وسائر أئمة الهدى (?).

وهذه الآيات التي ساقها المؤلف؛ للاستدلال بها على إثبات صفة الكلام لله، أولها قول الله {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} أي: لا أحد أصدق من الله حديثا {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} القيل والقول معناهما واحد، أو متقارب، وقال الله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} فكلامه تعالى يسمى حديثا، وقال تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَت رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} فأخباره تعالى غاية في الصدق، فهو أصدق الصادقين، ولا أحد أصدق من الله، وهذا معنى من أصدق من الله حديثا.

وشرائعُه، وأوامره، ونواهيه، كلها عدل {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015