والمشهور من المذهب هو الإباحة فقط، أما مذهب جمهور العلماء فهو الاستحباب؛ لأنَّه أقل أحوال الأمر، وممَّن يرى الاستحباب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ورواية عن أحمد.
قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّ من أراد أن يتزوج امرأةً، فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة، وقيل: يسن، وصوَّبه في الإنصاف، وظاهر الحديث استحبابه.
4 - واختلفوا في الأعضاء التي ينظر إليها، والحديث مطلق لم يخصص موضعًا، فيحمل على المحل المقصود من معرفة جمالها، ويدل على ذلك فهم الصحابة وعملهم، فقد روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور: "أنَّ عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي، لما بعث بها عليٌّ إليه، لينظر إليها".
5 - قال في نيل المآرب: ولا يحتاج إلى إذنها، ويدل على ذلك فعل جابر، فقد روى أحمد، والشافعي، والحاكم، وفيه: "فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها".
6 - الحكمة في هذا ما جاء في المسند عن المغيرة بن شعبة، أنَّه خطب امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انظر إليها، فإنَّه أحرى أن يُؤدَم بينكما" فنظرُ الرجل إليها، وتروِّي فكره فيها، قبل الخطبة، أقرب إلى الوفاق والاتفاق بينهما؛ لأنَّه يقدم على بصيرة من أمره.
7 - قال بعضهم: ويثبت هذا الحكم للمرأة، فإنَّها تنظر إلى خاطبها، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها، ويفهم هذا المعنى المراد من الحديث، ويؤيده إجابة طلب زوجة ثابت بن قيس فراقَه، لما علَّلت من دمامته.
فقد أخرج ابن أبي خيثمة، والطبراني عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: يا جميلة! ما كرهت من ثابت؟ فقالت: والله ما كرهتُ منه شيئًا إلاَّ دمامته، فقال: أتردِّين عليه حديقته؟ قالت: نعم، ففرَّق بينهما.
وحينئذ فالمرأة أولى بالنظر؛ لأنَّه يباح لها أن تنظر إلى الرجل، ولو بلا