أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمُسْتَمْلِي قَالَ انتسخت كتاب البُخَارِيّ من أَصله الَّذِي كَانَ عِنْد صَاحبه مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي فَرَأَيْت فِيهِ أَشْيَاء لم تتمّ وَأَشْيَاء مبيضة مِنْهَا تراجم لم يثبت بعْدهَا شَيْئا وَمِنْهَا أَحَادِيث لم يترجم لَهَا فأضفنا بعض ذَلِك إِلَى بعض

قَالَ الْبَاجِيّ وَإِنَّمَا أوردت هَذَا هُنَا لما عني بِهِ أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث الَّذِي يَليهَا وتكلفهم من ذَلِك من تعسف التَّأْوِيل مَا لَا يسوغ

قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر قلت هَذِه قَاعِدَة حَسَنَة يفزع إِلَيْهَا حَيْثُ يتعسر الْجمع بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث وَهِي مَوَاضِع قَليلَة جدا ستظهر كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى

فَالَّذِي يهم طَالب علم الحَدِيث لذاته كثيرا فِي كل بَاب إِنَّمَا هُوَ معرفَة مَا صَحَّ فِيهِ من الحَدِيث وَمَعْرِفَة إِسْنَاده الَّذِي تتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَّته

وَأما مَا ذكره من معرفَة الطّرق المتعددة ورجالها وَمَعْرِفَة أَحْوَالهم وَاخْتِلَاف النَّاس فيهم فَإِن هَذَا أَمر لَيْسَ بالصعب الوعر المسلك الْبعيد الْمدْرك بل كَثِيرُونَ مِمَّن هم دون شراحه فِي معرفَة عُلُوم الحَدِيث يحسنون ذَلِك ويقدرون على الْقيام بِمَا يلْزم من ذَلِك

على أَن الشَّيْخَيْنِ لَا سِيمَا البُخَارِيّ لم يَكُونَا ينْظرَانِ فِي التَّصْحِيح والتضعيف إِلَى مُجَرّد الْإِسْنَاد بل ينْظرَانِ إِلَى أُمُور أُخْرَى كَمَا سبق بَيَانه

فَالْوَاجِب فِي الشَّرْح الوافي بالمرام أَن يكون فِيهِ وَرَاء مَا ذكر بَيَان دَرَجَة كل حَدِيث فِيهِ وَبَيَان وَجه الْجمع بَينه وَبَين غَيره إِذا كَانَ مُعَارضا لَهُ عِنْد إِمْكَان الْجمع وَبَيَان الرَّاجِح من المتعارضين عِنْد عدم إِمْكَان الْجمع إِلَى غير ذَلِك من المطالب المهمة

ولنرجع إِلَى الْمَقْصُود بِالذَّاتِ فِي هَذَا الْفَصْل وَهُوَ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَنَقُول لَا خلاف فِي أَن الأولى إِيرَاد الحَدِيث بِلَفْظِهِ دون التَّصَرُّف فِيهِ إِلَّا أَنه قد يضْطَر فِي بعض الْمَوَاضِع إِلَى الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى وَذَلِكَ فِيمَا إِذا لم يستحضر الرَّاوِي اللَّفْظ وَإِنَّمَا بَقِي مَعْنَاهُ فِي ذهنه فَلَو لم تجوز لَهُ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى ضَاعَ الحكم الْمُسْتَفَاد مِنْهُ فَكَانَ فِي ذَلِك مفْسدَة لَا سِيمَا إِن كَانَ الحكم من الْأَحْكَام المهمة الَّتِي تضطر إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015