الْمَسْأَلَة الأولى قد ذكرنَا فِيمَا سبق أَنه قد ثَبت تَرْجِيح صَحِيح البُخَارِيّ على صَحِيح مُسلم فِيمَا يتَعَلَّق بِأَمْر الصِّحَّة وَأما مَا يتَعَلَّق بِغَيْر ذَلِك فَرُبمَا كَانَ فِي صَحِيح مُسلم مَا يرجح بِهِ على صَحِيح البُخَارِيّ وَقد عرفت فِي هَذَا الْفَرْع أَن من روى عَن اثْنَيْنِ فَأكْثر وَكَانَ بَين روايتيهما تفَاوت فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَاحِد فَلهُ أَن يجمع بَينهمَا فِي الْإِسْنَاد ثمَّ يَسُوق الحَدِيث على لفظ أَحدهمَا غير أَن الأولى فِي ذَلِك أَن يعين صَاحب اللَّفْظ الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ وَأَن مُسلما الْتزم ذَلِك بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ جرى على خلاف الأولى فِي ذَلِك فِي أَكثر الْمَوَاضِع
وَقد ذكر بعض المعتنين بِصَحِيح مُسلم شَيْئا من هَذَا الْقَبِيل فَأَحْبَبْت إِيرَاده
1 - فَمن ذَلِك كَونه أسهل متناولا من حَيْثُ إِنَّه جعل لكل حَدِيث موضعا وَاحِدًا يَلِيق بِهِ وَجمع فِيهِ طرقه وَأورد أسانيده المتعددة وَأَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة فَصَارَ اسْتِخْرَاج الحَدِيث مِنْهُ وَمَعْرِفَة طرقه المتعددة وَأَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة سهلا
بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ يذكر تِلْكَ الْوَجْه الْمُخْتَلفَة فِي أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة وَكثير مِنْهَا يذكرهُ فِي غير الْبَاب الَّذِي يتَبَادَر إِلَى الذِّهْن أَنه أولى بِهِ لأمر مَا قَصده البُخَارِيّ فَصَارَ اسْتِخْرَاج الحَدِيث مِنْهُ فضلا عَن معرفَة طرقه المتعددة وَأَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة صعبا حَتَّى إِن كثيرا من الْحفاظ الْمُتَأَخِّرين قد نفوا رِوَايَة البُخَارِيّ لأحاديث هِيَ فِيهِ