وَأما إِذا جمع بَين جمَاعَة رُوَاة قد اتَّفقُوا فِي الْمَعْنى وَلَيْسَ مَا أوردهُ لفظ كل وَاحِد مِنْهُم وَسكت عَن الْبَيَان لذَلِك فَهَذَا مِمَّا عيب بِهِ البُخَارِيّ أَو غَيره وَلَا بَأْس بِهِ على مَذْهَب تَجْوِيز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
وَإِذا سمع كتابا مصنفا من جمَاعَة ثمَّ قَابل نسخته بِأَصْل بَعضهم دون بعض وَأَرَادَ أَن يذكر جَمِيعهم فِي الْإِسْنَاد وَيَقُول وَاللَّفْظ لفُلَان كَمَا سبق فَهَذَا يحْتَمل أَن يجوز كَالْأولِ لِأَن مَا أوردهُ قد سَمعه بنصه مِمَّن ذكر أَنه بِلَفْظِهِ وَيحْتَمل أَن لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا علم عِنْده بكيفية رِوَايَة الآخرين حَتَّى يخبر عَنْهَا بِخِلَاف مَا سبق فَإِنَّهُ اطلع على رِوَايَة غير من نسب اللَّفْظ إِلَيْهِ وَهُوَ على موافقتهما من حَيْثُ الْمَعْنى فَأخْبر بذلك وَالله أعلم
هَذَا وَمَا ذكره ابْن الصّلاح من أَن إِعَادَة مُسلم لذَلِك أحد الراويين خَاصَّة يشْعر بِأَن اللَّفْظ الْمَذْكُور لَهُ هُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن مَعَ احْتِمَال أَن تكون الْإِعَادَة لمُجَرّد بَيَان أَن الرَّاوِي الَّذِي أُعِيد ذكر اسْمه ثَانِيًا قد صرح بِالتَّحْدِيثِ دون الرَّاوِي الَّذِي لم يعد ذكر اسْمه فَيَنْبَغِي الانتباه لذَلِك
وَقد استبعد بَعضهم مَا ذكره ابْن الصّلاح من أَن قَول أبي دَاوُد حَدثنَا مُسَدّد وأو تَوْبَة الْمَعْنى قَالَا حَدثنَا الْأَحْوَص فِيهِ احْتِمَال لِئَلَّا يكون قد أورد لفظ أَحدهمَا خَاصَّة بل رَوَاهُ بِالْمَعْنَى عَن كليهمَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يدل على أَن المأتي بِهِ حِينَئِذٍ هُوَ لفظ ثَالِث غير لَفْظِي من روى عَنْهُمَا مَعَ أَن الْغَالِب الْمَعْرُوف فِي مثل ذَلِك أَن الْمُحدث لَا بُد أَن يُورد الحَدِيث بِلَفْظ مَرْوِيّ لَهُ بِرِوَايَة وَاحِدَة وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ
وَقَالَ بَعضهم هَذَا أَمر غير مستبعد وقصارى الْأَمر فِيهِ أَن يكون مُلَفقًا مِنْهُمَا والتلفيق قد جرى عَلَيْهِ كثير من الْمُحدثين
وَمِنْه نوع قد ذكره الْقَوْم فِي آخر مَبْحَث صفة الرِّوَايَة كَمَا ذكرُوا الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فِي أَثْنَائِهِ ولنورد ذَلِك لمناسبته لما نَحن فِيهِ فَنَقُول قَالُوا وَإِذا سمع بعض حَدِيث من شيخ وَبَعضه من شيخ آخر فخلطه وَعَزاهُ جملَة إِلَيْهِمَا مُبينًا أَن بعضه عَن أَحدهمَا وَبَعضه عَن الآخر من غير تَمْيِيز لما سَمعه من كل شيخ من الآخر جَازَ