توجيه اللمع (صفحة 385)

باب: (حبذا)

قال ابن جني: اعلم أن حبذا معناها المدح وتقريب المذكور بعدها من القلب, وهي ترفع المعرفة وتنصب النكرة التي يحسن فيها من على التمييز تقول: حبذا زيد, وحبذا أخوك, فحبذا في موضع اسم مرفوع بالابتداء, وزيد في موضع خبره, وحقيقة القول: أن الأصل فيها حبب ككرم وظرف فأسكنت الباء وأدغمت في الثانية, وذا مرفوع بفعله وزيد يرتفع كما يرتفع بعد نعم وبئس. وتقول: حبذا رجلًا زيد أي: من رجل فتنصبه على التمييز, وحبذا مع الواحد والواحدة, والاثنين والاثنتين, والجماعة بلفظ واحد, لأنه جرى مجرى المثل تقول: حبذا زيد, وحبذا هند, ولا تقول: حبذهو وكذلك حبذا الزيدان وحبذا الزيدون وحبذا الهندات, كله بصورة واحدة, قال الشاعر:

يا حبذا القمراء والليل الساج ... وطريق مثل ملاء النساج

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(باب حبذا)

قال ابن الخباز: (ومعناها المدح وتقريب المذكور بعدها من القلب) لأنه موضع المحبة. وهي مركبة من حب واسم الإشارة, وفيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها فعل تغليبًا لأول الجزأين, والثاني: أنها اسم تغليبًا لثاني الجزأين. والثالث: أن كل واحد من الشطرين باق على حاله وحال ذا في الافتقار إلى المفسر كحال الضمير في نعم, وبنيهما فرق: وهو أنه لابد من تفسير ضمير نعم و «ذا» يستغني عن المفسر, لأنه اسم ظاهر تقول: نعم رجلًا زيد, وحبذا زيد, وإنما اختاروا «ذا» بخفته بإفراده وتذكيره وأصل حب: حبب ككرم لوجهين أحدهما: أنهم قالوا في اسم الفاعل: حببت قال عروة العذري:

305 - لئن كان حلو الماء حران صاديا ... إلى حبيبا إنها لحبيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015