عليه، وإذا لم يقل: "حدثنا" لم أعن به1. وكان أحمد بن حنبل يرى ذلك ويفضل أن يأخذ أحاديثه بالسماع دون غيره، يقول: لما خرجت إلى عبد الرزاق أخبروني أن معاذ بن هشام على الطريق، فملت إليه، ومعي ثلاثة ظهور مملوءة من حديثه، فصادفته، فقرأ علي شيئًا، وقال: أنا عليل لا أقدر على أكثر من هذا، ولكن اقرأها علي، فأبيت2. وممن كانوا يؤثرون السماع على غيره كذلك وكيع بن الجراح الذي يفخر ويقول: "ما أخذت حديثًا عرضًا"3 ومحمد بن سلام4 وأبو مسهر الدمشقي وسفيان الثوري5.
335- ويقول القاضي عياض: إنه أرفع درجات أنواع الرواية عند الأكثرين6. وهو كذلك لأنه أبعد عن الخطأ والسهو، فيؤدي إلى المقصود وهو تحمل الحديث بأمانة وبصفة تامة7.
336- ومن أجل ذلك فقد تتبع النقاد الأحاديث التي نقلت سماعًا والتي لم تنقل كذلك حتى تتبين القيمة الحقيقية لها، وقد أورد ابن أبي حاتم في تقدمة المعرفة نقودًا كثيرة تدل على ذلك، سواء أكان هذا النقد متعلقًا بالرواة المعاصرين لهم أو السابقين عليهم:
337- يروى أن شعبة كان يضعف أحاديث أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن حبيب بن سالم، ويقول: "لم يسمع أبو بشر من حبيب بن8 سالم ويقول علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد القطان عن حديث التيمي عن