العادة في هذه الصورة أن تكون هناك مقابلة بين الأصل والكتاب بعد انتهاء السماع؛ لتصحيح خطأ أو تأكيد للصواب1.
331- وكثير من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نقل بهذا الضرب من ضروب التلقي. وقد أسلفنا أن الصحابة رضوان الله عليهم قد حرصوا على أن يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أو ممن سمع منه، وكذلك كان التابعون وتابعو التابعين2.
332- وقد كانت لهم القدوة في ذلك من واقع تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فقد كان يسمعهم ما جاء به من القرآن والسنة، كما حثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن تنقل أحاديثه سماعًا؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "تسمعون ويسمع منكم، ويسمع من يسمع منكم" وروي مثله عن ثابت بن قيس3 ... كما روي زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه كما سمعه، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه". وروي مثله عن جبير بن مطعم وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما4.
333- ولهذا وجدنا معظم المحدثين -في القرن الثاني- يأخذون أحاديثهم بهذا المنهج، يقول أحد تلاميذ يزيد بن هارون: سمعته في المجلس ببغداد، وكان يقال: إن في المجلس سبعين ألفًا5.
334- ويرى شعبة بن الحجاج أن القيمة الحقيقية للأحاديث والتي تستحق أن تؤخذ من شيخه إنما هي تلك التي أخذها الأخير سماعًا، يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة، فإذا قال للحديث "حدثنا" عنيت به فوقفته