تهذيب اللغه (صفحة 4671)

وَقَوله {أَو يزيدونٍ} يَقُول: فَإِن زادوا بالأولاد قبل أَن يُسْلِموا فادْعُ الْأَوْلَاد أَيْضا، فَيكون دعاؤُك للأولاد نَافِلَة لَك لَا يكون عَلَيْك فَرْضاً.

قلت: وأمّا قَوْله تَعَالَى فِي آيَة الطَّهَارَة: {وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ} (النِّسَاء: 43) فَهُوَ بِمَعْنى (الْوَاو) الَّتِي تُعرف بواو الْحَال.

الْمَعْنى: وَجَاء أَحد مِنْكُم من الْغَائِط، أَي: فِي هَذِه الْحَالة.

وَلَا يجوز أَن يكون تَخْييراً.

وأَما قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ} (النِّسَاء: 43) فَهِيَ معطوفة على مَا قبلهَا بمعناها.

وَأما قَوْله تَعَالَى: {رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ} (الْإِنْسَان: 24) .

فَإِن الزّجاج قَالَ: (أَو) هَا هُنَا أوكد من (الْوَاو) ، لِأَن (الْوَاو) إِذا قلت: لَا تُطع زيدا وعمراً، فأطاع أَحدهمَا كَانَ غير عاصٍ، لِأَنَّهُ أَمره ألاّ يُطيع الِاثْنَيْنِ، فَإِذا قَالَ: وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِماً أَو كفورا، ف (أَو) قد دَلّت على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أهل لِأَن يعْصى.

وَقَالَ الْفراء: (أَو) إِذا كَانَت بِمَعْنى (حَتَّى) فَهُوَ كَمَا تَقول: لَا أَزَال مُلازمك أَو تُعطيني، وَإِلَّا أَن تُعطيني.

وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} (آل عمرَان: 128) .

مَعْنَاهُ: حَتَّى يَتُوب عَلَيْهِم، وَإِلَّا أَن يَتُوب عَلَيْهِم؛ وَمِنْه قولُ امرىء الْقَيْس:

يُحاول مُلْكاً أَو يَمُوت فيُعْذرا

مَعْنَاهُ: إِلَّا أَن يَمُوت.

وَأما الشكّ، فَهُوَ كَقَوْلِك: خرج زيد أَو عَمْرو؟

وَقَالَ محمّد بن يزِيد: (أَو) من حُرُوف الْعَطف، وَلها ثَلَاثَة معَان:

تكون لأحد أَمريْن عِنْد شكّ المُتكلم أَو قَصده أَحدهمَا، وَذَلِكَ كَقَوْلِك: أتيتُ زيدا أَو عمرا، وَجَاءَنِي رجل أَو امْرَأَة؛ فَهَذَا شَكّ.

فَأَما إِذا قَصد أَحدهمَا، فكقولك: كل السّمك أَو اشرب اللَّبن، أَي: لَا تجمعهما، وَلَكِن اختر أيّهما شِئت.

وَكَذَلِكَ: أَعْطِنِي دِينَارا أَو اكسُني ثوبا.

وَتَكون بِمَعْنى الْإِبَاحَة، كَقَوْلِك: جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرين، وأْتِ المَسْجِد أَو السُّوق، أَي: قد أَذِنت لَك فِي هَذَا الضَّرب من النَّاس؛ وَإِن نهيته عَن هَذَا قلت: لَا تجَالس زيدا أَو عمرا، أَي: لَا تجَالس هَذَا الضَّرْب من النَّاس.

وعَلى هَذَا قولُه تَعَالَى: {رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوكفوراْ} (الْإِنْسَان: 24) أَي: وَلَا تُطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015