تهذيب اللغه (صفحة 4142)

قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي بابُ سُوءِ المشارَكة فِي اهتمام الرجل بشأن صَاحبه. قَالَ أَبُو عبيد: إِذا أَرَادَ المشكو إِلَيْهِ أَنه فِي نحوٍ مِمَّا فِيهِ صَاحبه الشاكي قَالَ لَهُ: إِن يَدْمَ أَظلُّك فَقَدْ نَقِبَ خُفِّي؛ يَقُول: إِنِّي فِي مثل حالك.

وَقَالَ لبيد:

بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دامِي الأَظَلِّ

والأظَلُّ والمَنْسِمُ للبعير كالظُّفْر للْإنْسَان.

من قَرَأَ (فِي ظلل على الأرائك) (يس: 56) فَهُوَ جمع ظُلّة، وَمن قَرَأَ فِي (ظِلال) فَهُوَ جمع الظلِّ، وَمِنْه قَوْله: {الْمُبِينُ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَالِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزمر: 16) .

وَقَالَ تَعَالَى: {ظِلاًّ ظَلِيلاً} (النِّسَاء: 57) أَي يُظل من الرّيح والحرّ.

وَقَالَ ابْن عَرَفَة: ظِلا ظَليلاً. أَي دَائِما طَيِّباً، يُقَال إِنَّه لفي عَيْش ظَليلٍ، أَي طيِّب.

قَالَ جرير:

وَلَقَد تُسَاعِفُنا الدِّيارُ وعَيْشنا

لَو دَامَ ذَاك كَمَا تُحبُّ ظلِيلُ

وَمِنْه: {شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ} (المرسلات: 31) . {وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالاَْصَالِ} (الرَّعْد: 15) .

أَي مُسْتَمِرٌ ظلُّهم، يُقَال: هُوَ جمع الظل وَيُقَال: هُوَ شُخُوصهم.

{للهمَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} (الْوَاقِعَة: 30) يُقَال هُوَ الدَّائِم الَّذِي لَا تنسخه الشَّمْس، وَالْجنَّة كلهَا ظلّ.

لظ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ألِظُّوا فِي الدُّعَاء بيا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) .

قَالَ أَبُو عبيد: أَلِظُّوا يَعْنِي الْزَمُوا، والإلْظَاظُ لُزومُ الشيءِ والمثابرة عَلَيْهِ. يُقَال: أَلْظَظْتُ بِهِ أُلِظُّ إلْظاظاً، وَفُلَان مُلِظٌّ بفلانٍ أَي ملازمٌ لَهُ وَلَا يُفارقه.

وَقَالَ اللَّيْث: المُلاَظَّةُ فِي الْحَرْب الْمُوَاظبَة وَلُزُوم الْقِتَال وَرجل مِلْظَاظٌ ومِلَظُّ شديدُ الإبْلاَغِ بالشَّيْء يُلحُّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الراجز:

عَجِبْتُ والدَّهْرُ لَه لَظِيظُ

وَيُقَال: رجل لَظٌّ كَظٌّ، أَي عَسِرٌ مُشَدَّدٌ عَلَيْهِ، والتَّلَظْلُظُ واللَّظْلَظَةُ من قَوْلك: حَيَّةٌ تَتَلَظْلَظُ، وَهُوَ تحريكُها رأْسَها مِن شِدَّة اغْتِيَاظِها؛ وحيةٌ تَتَلظى من شِدة توَقُّدِها وخُبْثها، كَانَ الأصلُ تَتَلَظَّظُ، وَأما قَوْلهم فِي الحرّ: يَتَلَظَّى فَكَأَنَّهُ يَتَلَهَّب كالنار من اللظى.

عَمْرو عَن أَبِيه: أَلَظَّ إِذا ألحّ وَمِنْه قَوْله: (أَلِظُّوا بِيا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) ؛ وَأنْشد لأبي وجزة:

فأبلغ بني سعد بن بكر مِلظَّة

رسولَ امرىءٍ بَادِي الْمَوَدَّة نَاصح

قيل: أَرَادَ بالمِلظة الرسَالَة، وَقَوله: رَسُول امرىء أَي رِسَالَة امرىء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015