تهذيب اللغه (صفحة 406)

صَاحبك وطلَعتُ على صَاحِبي طلوعاً إِذا أَقبلت عَلَيْهِ. أَبُو عبيد فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي فِيهَا اخْتِلَاف اللُّغَات والمعاني: طلِعْت الْجَبَل أطلَعُه، وطَلَعت على الْقَوْم أطْلُع. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فيهمَا جَمِيعًا: طَلَعت أطْلُع وأقرأني الإيَاديّ عَن شمر لأبي عبيد عَن أبي زيد فِي بَاب الأضداد: طَلَعت على الْقَوْم أطْلُع طُلُوعاً إِذا غِبت عَنْهُم حَتَّى لَا يَرَوك، وطَلَعت عَلَيْهِم إِذا أَقبلت إِلَيْهِم حَتَّى يروك. قلت: وَهَكَذَا رَوَى الحرّاني عَن ابْن السّكيت: طَلَعت عَلَيْهِم إِذا غِبْت عَنْهُم، وَهُوَ صَحِيح جُعِل عَلَى فِيهِ بِمَعْنى عَن كَمَا قَالَ الله جلَّ وعزّ: {ُ} ِ (المطففين: 1، 2) مَعْنَاهُ إِذا اكتالوا عَن النَّاس وَمن النَّاس، كَذَلِك قَالَ أهل اللُّغَة أَجْمَعُونَ. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْحسن الصَيْدَاوِيّ عَن الرياشيّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الطِلْعُ: كل مطمئن من الأَرْض ذاتِ الربْوة إِذا أطْلَعْتَه رَأَيْت مَا فِيهِ. وَمن ثمّ يُقَال أطْلِعْنِي طِلْعَ أَمرك. وَيُقَال: أطلَع الرجل إطلاعاً إِذا قاء.

وَقَالَ اللَّيْث: طَلِيعَة الْقَوْم: الَّذين يبعثون ليطّلعوا طِلْع العدوّ. ويسمّى الرجل الْوَاحِد طَلِيعَة والجميع طَلِيعَة والطلائع الْجَمَاعَات. قلت: وَكَذَلِكَ الرَبِيئة والشِّيفة والبَغِيَّة بِمَعْنى الطليعة، كل لَفْظَة مِنْهَا تصلح للْوَاحِد وَالْجَمَاعَة.

ورُوي عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ عِنْد مَوته: لَو أنَّ لي مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا لافتديت بِهِ من هَوْل المُطّلَع.

قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: المُطَّلَع هُوَ مَوضِع الاطّلاع من إشرافٍ إِلَى الانحدار، فشبّه مَا أشرف عَلَيْهِ من أَمر الْآخِرَة بذلك. قَالَ: وَقد يكون المُطَّلَع المَصْعَد من أَسْفَل إِلَى الْمَكَان المُشْرِف. قَالَ: وَهَذَا من الأضداد.

وَمِنْه حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود فِي ذكر الْقُرْآن: (لكل حرف حَدّ وَلكُل حَدّ مُطَّلَع) مَعْنَاهُ: لكل حَد مَصْعَدٌ يُصْعد إِلَيْهِ، يَعْنِي: من معرفَة علمه. وَمِنْه قَول جرير:

إِنِّي إِذا مُضَرٌ عَلَي تحدَّبتْ

لاقيتُ مُطَّلَعَ الْجبَال وُعُورا

وَيُقَال: مُطَّلَعُ هَذَا الْجَبَل من كَذَا وَكَذَا أَي مَصْعَده ومأتاه.

وَقد رُوي فِي حَدِيث عمر هَذَا أَنه قَالَ: لَو أَن لي طِلاَعَ الأَرْض ذَهَبا لافتديت بِهِ من هول المُطَّلَع.

قَالَ أَبُو عبيد: وطِلاَع الأَرْض: مِلْؤها حَتَّى يطالع أَعلَى الأَرْض فيساويه، وَمِنْه قَول أَوْس بن حَجَر يصف قوساً وَأَن مَعْجِسها يمْلَأ الكفّ فَقَالَ:

كَتُومٌ طِلاَع الكفّ لَا دون مِلئها

وَلَا عَجْسُهَا عَن مَوضِع الكفّ أفْضَلاَ

وَقَالَ اللَّيْث: طِلاَع الأَرْض فِي قَول عمر: مَا طلعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس من الأَرْض. وَالْقَوْل مَا قَالَه أَبُو عبيد. وَقَالَ اللَّيْث: والطلاع هُوَ الاطّلاع نَفسه فِي قَول حُمَيد بن ثَوْر:

وَكَانَ طِلاَعاً من خَصاصٍ ورِقْبَةً

بأعين أَعدَاء وطَرْفاً مُقَسَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015