تهذيب اللغه (صفحة 3258)

وَاحِدَة، وَلكنهَا تخْتَلف أسماؤها، وتكرم مَنَابِتُها؛ فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلَّةِ الْجَبَل فَهُوَ النَّبع، وَمَا كَانَ فِي سفحه فَهُوَ الشّريان، وَمَا كَانَ فِي الحضيض فَهُوَ الشوْحَط.

والشِّريانات: عُروقٌ رِقاقٌ فِي جَسَد الْإِنْسَان.

أَبُو سَعيد، يُقَال: هَذَا شرْوَاهٌ وشَرِيَّةٌ، أَي مِثْلُه، وَأنْشد.

وتَرَى مَالِكاً يقولُ أَلاَ تُبْ

صِرُ فِي مَالكٍ لهَذَا شرِيّاً

وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْع أنَّها قَالَت: طَلَّقَني أَبُو زرع، فَنَكَحْتُ بعده رجلا سَرِيّاً، رَكِبَ شرِيّاً، وأَخَذَ خَطِّيّاً، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً شرِيّاً.

قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادت بقولِهَا: رَكِبَ شَرِيّاً، أَيْ فرسا يَسْتَشْرِي فِي سَيْره. أَي يَلِجُّ ويَمْضي فِيهِ بِلَا فُتور وَلَا انْكسار، وَمن هَذَا يُقَال للرجل إِذا لَجَّ فِي الأَمر: قد شَرِيَ فِيهِ، واسْتَشْرَى.

وَقَالَ غَيره: شَرِيَتْ عينُه بالدَّمع، أَي لَجَّتْ وتابعت الهَملان.

وَقَالَ الأصمعيّ: إبِلٌ شرَاةٌ وسراةٌ، إِذا كَانَت خِيارَا.

وَقَالَ ذُو الرمة:

يَذُبُّ الْقَصايَا عَن شَرَاةٍ كَأَنَّمَا

جَماهيرُ تَحْتَ الْمُدْجِنَات الْهَوَاضِبِ

وَيُقَال لِزِمام النَّاقَة إِذا تَتَابع حركاته لتَحْرِيكها رَأسهَا فِي عَدْوِها: قد شرِيَ زِمَامُها، يشرَى شَرًى.

ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشِّرْيان: الشقّ، وَهُوَ الثَّتُّ، وَجمعه ثُتُوت.

قَالَ: وسأَلْته عَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَرِيكه: (لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي فَقَالَ: لَا يشارِي من الشَّرّ. قلت: كأَنَّه أَراد لَا يشارّ، فَقلب إِحْدَى الرّاءيْن يَاء. وَلَا يُماري: لَا يخَاصِمُ فِي شيءٍ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَه. وَقَوله: (وَلَا يُدارِي) ، أَي لَا يَدْفَع ذَا الْحق عَن حَقِّه، وَقيل: لَا يشاري: لَا يلاجّ.

أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: شَرَيْتُ بِمَعْنى بِعْتُ، وشَرَيْتُ أَي اشْتَرَيْت. وَقَالَ الله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: 102) .

قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ، بِئْسَ مَا باعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. قَالَ: وللعرب فِي شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان: فالأكثر مِنْهُمَا: أَنَّ (شَرَوْا) ، بَاعُوا، و (اشْتَرَوْا) : ابتاعوا؛ وَرُبمَا جعلوهما بِمَعْنى بَاعوا. والشَّراة: الْخوارِج، سَمَّوْا أنفسهم شُراةً؛ لأنَّهم أَرَادوا أَنَّهم باعوا أَنفسهم لله، وَالْوَاحد شارٍ، وشَرَى نَفسه شِرًى، إِذا بَاعهَا.

وَقَالَ الشَّاعِر:

فَلَئِنْ فَرَرْتُ من الْمَنِيَّةِ والشِّرَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015