ومَجَّاعُ اليَمَامَةِ قد أَتَانَا
يُخَبِّرُنَا بِمَا قَالَ الرَّسُولُ
فأعطينا المَقَادَة واستقمنا
وكانَ المَرْء يسْمَعُ مَا يقولُ
فأَقْطَعَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكتبَ لَهُ بذلك كتابا:
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
هَذَا كتابٌ كتبه محمدٌ رسولُ الله لمَجَّاعَة بن مُرارةَ بن سُلمى: أَنِّي أقطعْتُكَ الفَوْرَة وعَوَانةَ من العَرَمَةِ والحُبَلِ فَمن حاجَّك فإِليَّ.
قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفَدَ على أبي بكرٍ فأَقطعهِ الخِضْرِمَة ثمَّ وفدَ على عمر فأقطعهُ الريا بِالحَجْرِ. ثمَّ إِن هلالَ بن سراجِ بن مَجَّاعة وَفد إِلَى عُمر بن عبد الْعَزِيز بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعدَما استُخلف فأَخذهُ عمر فقبَّله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ ومَسَحَ بِهِ وجههُ رجاءَ أَن يصيبَ وجههُ موضِعَ يَدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمَرَ عِنْده هِلالٌ لَيْلَة فَقَالَ لَهُ: يَا هلالُ، أَبَقِيَ من كهُولِ بني مَجَّاعَةَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نعمْ وشَكِيرٌ كثيرٌ. فَضَحِك عمر، وَقَالَ: كلِمَةٌ عربيةٌ، قَالَ، فَقَالَ جُلَساؤهُ: وَمَا الشَّكِيرُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: أَلمْ ترَ إِلَى الزَّرْعِ إِذا زَكا فأَخرجَ فنبتَ فِي أُصُوله فذلكم الشّكِيرُ، ثمَّ أجازهُ وَأَعْطَاهُ وأكرمه وَأَعْطَاهُ فِي فرائضِ العِيَال، والمُقَاتِلَة.
(قلت) : أَرَادَ بقوله: وشكِيرٌ كثيرٌ أَي ذريةٌ صغارٌ شبههم بشكِيرِ الزَّرْع وَهُوَ مَا نبتَ مِنْهُ صغَارًا فِي أُصُوله.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: الشّكِرَةُ: الممتلئةُ الضّرْع من النُّوقِ.
وَقَالَ الحُطَيْئَةُ يصف إبِلا غزاراً:
إِذا لم يكن إلاّ الأمالِيسُ أصبحتْ
لَهَا حُلَّقٌ ضَرَّاتُها شَكِرَات
قَالَ العجاج يصف رِكاباً أَجْهضت أولادَها:
والشّدَ نِيّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
حُوصَ العيونِ مُجْهِضَاتٍ مَا استَطَرْ
منهنَّ إتمامُ شكيرٍ فاشْتَكَرْ
مَا استطرَّ من الطر يُقَال طرَّ شعره أَي نبت، وطر شَاربه مثله يَقُول: مَا استطر مِنْهُم إتْمَام يَعْنِي بُلُوغ التَّمام والشكير: مَا نبت صَغِيرا فأشكر صَار شكيراً.
بِحَاجِبٍ وَلَا قَفَاً وَلَا أَزْبَأَرّ
مِنْهُنَّ سيساء وَلَا استغشى الْوَبر
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : اشْتَكَرَتِ السَّماءُ وحَفَلتْ واغْبَرَّت، كل ذَلِك من حِين يجدُّ وقعُ مطرِها ويشتدُّ. وَأنْشد غَيره لامرىء الْقَيْس:
فترى الوَدَّ إِذا مَا أشْجَذَتْ
وتُوَاريه إِذا مَا تَشْتَكِر
واشتكرت الريحُ إِذا اشتدَّ هُبُوبُها. وَقَالَ ابْن أَحْمَر: