تهذيب اللغه (صفحة 1746)

بِذِكْرَى الدَّار،، وَمعنى الدَّار هَهُنَا: الدارُ الآخِرة، وَمعنى {أخلصناهم} : جعلناهم لنا خالصين، بِأَن جعلناهم يُذَكِّرُونَ بدار الْآخِرَة ويُزَهِّدُون فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ شأنُ الْأَنْبِيَاء.

وَيجوز أَن يَكُونُوا يكثرونَ ذِكْرَ الآخرةِ، والرجوعِ إِلَى الله.

وَقَوله جلَّ وعزَّ {خلصوا نجيا} [يُوسُف: 80] مَعْنَاهُ: تَمَيَّزوا عَن النَّاس _ يَتناجَوْنَ فِيمَا أَهَمّهُم.

وَقَالَ اللَّيْث: الإخْلاَصُ: التَّوْحيد لله خَالِصا، وَلذَلِك قيل لسورة: {قل هُوَ الله أحد} [الْإِخْلَاص: 1] : ((سُورَة الْإِخْلَاص)) .

وقولُه جلّ وعزّ: {إِنَّه من عبادنَا المخلصين} [يُوسُف: 24] وقرىء (المُخْلِصين) . فالمُخْلَصُونَ: المختارون، والمخلِصُون: الموحِّدون.

قَالَ: والتَّخليص: التنحيةُ مِنْ كلِّ مَنْشَبٍ تَقول: خلَّصْتُهُ تخليصاً _ أَي: نحَّيْتُه تَنْحِيَة وتَخَلَّصْتُهُ تَخَلُّصا _ كَمَا يُتَخَلَّصُ الغَزْلُ إِذا الْتبس.

أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيد _ قَالَ: الزُّبْدُ حِين يُجْعَلُ فِي البُرْمَة ليُطْبَخَ سَمْناً فَهُوَ الإذوابُ والإذوابَة، فَإِذا جَاءَ وخَلصَ اللَّبنُ من الثُّفْل فَذَلِك اللبنُ الأُثْرُ والْخِلاَصُ والثُّفْل الَّذِي يكون أَسْفَل _ هُوَ الْخُلُوصُ.

قلتُ: وسمعتُ العربَ تَقول _ لِمَا يُخَلَّصُ بِهِ السَّمْنُ فِي البُرْمَة مِن اللَّبن وَالْمَاء والثُّفْل _ الخِلاَصُ، وَذَلِكَ إِذا ارتَجَن واختَلَط اللَّبن بالزُّبْدِ، فيؤخذُ تَمْرٌ أَو دقيقٌ

أَو سَوِيقٌ، فيُطرَحُ فِيهِ ليخلِّصَ السمْنَ من بَقِيَّة اللَّبن المخْتَلِط بِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي بِهِ يُخَلَّصُ: هُوَ الخِلاَصُ _ بِكَسْر الْخَاء.

وَأما الخُلاَصة فَهُوَ مَا بَقِي فِي أَسْفَل البُرْمَة من الْخِلاَصِ وغيرِه من ثُفْلٍ ولبَنٍ وغيرِه.

وقالَ الليثُ: الخِلاَصُ: رُبٌّ يُتَّخذُ مِنَ التَّمْرِ.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: الزُّبْدُ خِلاَصُ اللَّبَنِ _ أَي مِنْهُ يُسْتَخْلَصُ _ أَي: يُسْتَخْرَجُ.

وَقَالَ غَيره: الْخَلْصَاءُ بَلدٌ بالدَّهْنَاءِ معروفٌ، وذُو الْخَلْصَةِ موضعٌ آخرُ كَانَ فِيهِ بيتٌ لصنمٍ لَهُم فهُدِم.

وَقَالَ اللَّيْث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ _ إِذا كَانَ مُخُّه قصيداً سَميناً، وَأنْشد:

(مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَوْ زَعُومَا ... )

وَقَالَ غيرُه: الخَالِصُ: الأَبْيَضُ من الألوان _ ثَوْبٌ خَالِصٌ: أَبْيَضُ، ومَاءٌ خَالِصٌ: أَبيَضُ.

شَمرٌ: عَن الْهَوازِنيِّ، قَالَ: إِذا تَشَظَّى الْعِظَامُ فِي اللَّحْم فَذَلِك الْخَلَصُ.

قَالَ: وَذَلِكَ فِي قَصَبِ العِظام فِي الْيَد والرِّجل _ يُقالُ: خَلِصَ الْعَظْمُ يَخْلَصُ خلَصاً _ إِذا برأَ وَفِي خَلَلِهِ شيءٌ من اللَّحْم.

وروى سَلَمَة، عَن الفرَّاء، أَنه قَالَ: خَلَّصَ الرَّجُلُ _ إِذا أَخذ الْخُلاَصَةَ، وخَلَّصَ _ إِذا أعْطى الْخَلاَصَ، وَهُوَ مِثْلُ الشَّيْء وَمِنْه خَبرُ شُرَيحٍ ((أَنَّه قَضَى فِي قَوْسٍ _ كَسَرَهَا رَجُلٌ _ لِرَجُلٍ بالخَلاَصِ)) أَي: بمثلهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015