من عُلَمَاء اللُّغَة، مِنْهُم:
أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سلاّم: وَكَانَ ديِّناً فَاضلا عَالما أديباً فَقِيها صاحبَ سُنّة، معنيًّا بِعلم الْقُرْآن وسُنَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والبحث عَن تَفْسِير الْغَرِيب وَالْمعْنَى المشْكِل.
وَله من المصنّفات فِي (الْغَرِيب المؤلَّف) .
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحسن المؤدّب أَن المِسْعَريّ أخبرهُ أَنه سمع أَبَا عبيد يَقُول: كنت فِي تصنيف هَذَا الْكتاب أَرْبَعِينَ سنة أتلقَّف مَا فِيهِ من أَفْوَاه الرّجال، فَإِذا سمعتُ حرفا عرفتُ لَهُ موقعاً فِي الْكتاب بتُّ تِلْكَ الليلةَ فرِحاً. قَالَ: ثمَّ أقبلَ علينا فَقَالَ: أحدكُم يستكثر أَن يسمعهُ منّي فِي سَبْعَة أشهر
وَأَخْبرنِي أَبُو بكر الإياديُّ عَن شِمر أَنه قَالَ: مَا للْعَرَب كتابٌ أحسن من (مصنَّف أبي عبيد) . واختلفتُ أَنا إِلَى الْإِيَادِي فِي سَمَاعه سنتَيْن وَزِيَادَة، وَكَانَ سمع نسختَه من شِمر بن حَمْدُويةَ، وَضَبطه ضبطاً حسنا، وكتبَ عَن شِمر فِيهِ زيادات كَثِيرَة فِي حَوَاشِي نسخته، وَكَانَ ح يُمْكنني من نسخته وزياداتها حَتَّى أعارض نُسْخَتي بهَا، ثمَّ أقرأها عَلَيْهِ وَهُوَ ينظر فِي كِتَابه.
وَلأبي عبيد من الْكتب الشَّرِيفَة كتابُ (غَرِيب الحَدِيث) ، قرأته من أوّله إِلَى آخِره على أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن هاجَكَ وَقلت لَهُ: أخْبركُم أَحْمد بن عبد الله بن جبلة عَن أبي عبيدٍ فأقرَّ بِهِ. وَكَانَت نسخته الَّتِي سمِعها من ابْن جبلة مضبوطةً محكمَة، ثمَّ سَمِعت الْكتاب من أبي الْحُسَيْن المزَنيّ، حدّثنا بِهِ عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن أبي عبيد إِلَى آخِره قِرَاءَة علينا بِلَفْظِهِ.
وَلأبي عبيد كتابُ (الْأَمْثَال) ، قرأته على أبي الْفضل المنذريّ، وَذكر أَنه عَرَضَه على أبي الْهَيْثَم الرازيّ. وَزَاد أَبُو الْفضل فِي هَذَا الْكتاب من فَوَائده أَضْعَاف الأَصْل، فسمِعنا الْكتاب بزياداته.
وَلأبي عبيد كتابٌ فِي (مَعَاني الْقُرْآن) ، انْتهى تأليفه إِلَى سُورَة طه، وَلم يتمَّه، وَكَانَ المنذريّ سَمعه من عَليّ بن عبد الْعَزِيز، وقُرىء عَلَيْهِ أَكْثَره وَأَنا حَاضر، فَمَا وَقع فِي كتابي هَذَا لأبي عبيد عَن أَصْحَابه فَهُوَ من هَذِه الْجِهَات الَّتِي وصَفتُها.
وَمن هَذِه الطَّبَقَة: أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زيادٍ المعروفُ بِابْن الأعرابيّ: كوفيّ الأَصْل. وَكَانَ رجلا صَالحا ورعاً زاهداً صَدُوقًا.