تهذيب اللغه (صفحة 1437)

شبه: قَالَ اللَّيْث: الشَّبَه: ضَربٌ من النُّحاس يُلقَى عَلَيْهِ دواءٌ فيصفرّ، وسُمِّي بالشَّبَه لِأَنَّهُ شُبِّه بالذَّهَب.

وَتقول: فِي فلانٍ شَبَهٌ من فلَان، وَهُوَ شَبَههُ وشِبْههُ وشَبِيهه.

وَقَالَ العجّاج يصف رَمْلاً:

وشَبَهٌ أَمَيلُ مَيْلانيُّ

وَيُقَال: شبَّهتُ هَذَا بِهَذَا، وأشْبَه فلانٌ فلَانا.

وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (آل عِمرَان: 7) . قيل: مَعْنَاهُ يُشبه بعضُها بَعْضًا. قلت: وَقد اخْتلف المفسِّرون فِي تَفْسِير قَوْله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ؛ فرُوي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: المتشابهات (ألم) و (ألر) وَمَا اشْتبهَ على اليَهود من هَذِه ونحوِها. قلت: وَهَذَا لَو كَانَ صَحِيحا عَن ابْن عَبَّاس كَانَ التَّفْسِير مسلّماً لَهُ، ولكنّ أهلَ الْمعرفَة بالأخبار وَهَّنوا إِسْنَاده، وَقد كَانَ الفرّاء يذهب إِلَى مَا رُوِي عَن ابْن عبّاس فِي هَذَا ورُوِي عَن الضحّاك أَنه قَالَ: المُحْكَمات: مَا لم يُنسَخ، والمتشابِهات: مَا قد نُسخ.

وَقَالَ غَيره: المُتشابِهات هِيَ الْآيَات الَّتِي نَزلتْ فِي ذِكر الْقِيَامَة والبَعْث، ضَرْبَ قَوْله: {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ} . (سبأ: 7، 8) . وضَرْبَ قَوْله: { (خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ فِى الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاَْرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاَْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَلَقَدْءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياَجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

1764 - اْءَالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الاَْرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِمْءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَىْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجْزِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

1764 - إِلاَّ الْكَفُورَ} (الصافات: 15 17) فَهَذَا الَّذِي تَشابَه عَلَيْهِم فأَعلمهم الله جلّ وعزّ الوجهَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يستدلّوا بِهِ على أنّ هَذَا المُتشابه عَلَيْهِم كَالظَّاهِرِ لَو تدبَّروه، فَقَالَ: {خَصِيمٌ مٌّ بِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

1764 - أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} إِلَى قَوْله: {مِّنْه تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَذِى خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالاَْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} (يس: 78 81) ، أَي إِذا كُنْتُم قد أقررتم بالإنشاء والابتداء فَمَا تُنكرون من البَعْث والنُّشور؟ وَهَذَا قولُ كثيرٍ من أهل الْعلم، وَهُوَ بيِّن وَاضح، وممّا يدلّ على هَذَا القَوْل قولُه جلّ وعزّ: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عِمرَان: 7) ، أَي أَنهم طلبُوا تَأْويل بَعْثِهم وإحيائهم، فأَعلم الله أنَّ تأْويلَ ذَلِك ووقتَه لَا يَعلمُه إلاّ الله جلّ وعزّ.

والدَّليل على ذَلِك قَوْله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ} (الأعرَاف: 53) يُرِيد قيامَ السَّاعَة وَمَا وُعدوا من البَعْث والنُّشور وَهَذَا قولُ كثير من أهل الْعلم وَالله أعلم. وأمَّا قولُه عزّ وجلّ {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} (البَقَرَة: 25) فَإِن أهل اللُّغَة قَالُوا: معنى قَوْله: {مُتَشَابِهاً} يُشْبِه بعضُه بَعْضًا فِي الجودةِ والحُسْن.

وَقَالَ المفسِّرون: {مُتَشَابِهاً} يُشْبه بعضُه بَعْضًا فِي الصُّورة، وَيخْتَلف فِي الطّعْم، وَدَلِيل المفسِّرين قَوْله جلّ وعزّ: {هَاذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} (البَقَرَة: 25) لأنّ صُورته الصُّورة الأولى، ولكنَّ اختلافَ الطُّعوم مَعَ اتِّفاق الصُّورة أَبلَغ وأَغْرب عِنْد الْخلق، لَو رأيْتَ تُفَّاحاً فِيهِ طَعم كلِّ الْفَاكِهَة لَكَانَ نِهَايَة فِي الْعجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015