تهذيب اللغه (صفحة 12)

لأبي عبيد.

وَمَا وَقع فِي كتابي لإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي فَهُوَ مِمَّا أفادنيه الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرْبِيّ. وَمَا كَانَ من جِهَة أَحْمد بن يحيى رِوَايَة عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي فَهُوَ من كتاب أبي عمر الورَّاق.

وَمَا رَأَيْت فِي رِوَايَته شَيْئا أنكرته.

وَأما أَبُو الْحسن عليّ بن حَمْزَة الْكسَائي: فَإِن أَبَا الْفضل الْمُنْذِرِيّ حَدثنِي عَن أبي جَعْفَر الغسانيّ عَن أبي عُمَر المقرىء أَنه قَالَ: كَانَ الكسائيّ قَرَأَ الْقُرْآن على حَمْزَة الزّيات فِي حداثته، وَكَانَ يخْتَلف إِلَيْهِ، وأُولع بالعلل وَالْإِعْرَاب، وَكَانَت قبائل الْعَرَب مُتَّصِلَة بِظَاهِر الْكُوفَة، فَخرج إِلَيْهِم وسمِع مِنْهُم اللغاتِ والنوادر، أَقَامَ مَعَهم شهرا وتزيا بزيِّهم، ثمَّ عَاد إِلَى الْكُوفَة وحضرَ حمزَةَ وَعَلِيهِ شَمْلتان قد ائتزر بِإِحْدَاهُمَا وارتدى الْأُخْرَى، فَجَثَا بَين يَدَيْهِ وَبَدَأَ بِسُورَة يُوسُف، فَلَمَّا بلغ {الذِّئْبُ} (يُوسُف: 13) لم يهمز وهمزَ حمزةُ، فَقَالَ الكسائيّ: يُهمَز وَلَا يُهمَز. فَسكت عَنهُ فَلَمَّا فرغَ من قِرَاءَته قَالَ لَهُ حَمْزَة: إنّي أشبه قراءتك بِقِرَاءَة فَتى كَانَ يأتينا يُقَال لَهُ عَليّ بن حَمْزَة. فَقَالَ الكسائيّ: أَنا هُوَ. قَالَ: تَغيَّرتَ بعدِي فأينَ كنت؟ قَالَ: أتيتُ الْبَادِيَة وَكَانَ فِي نَفسِي أشياءُ سألتُ الْعَرَب عَنْهَا ففرَّجوا عني، فلمّا دخلتُ الْمَسْجِد لم تَطِب نَفسِي أَن أجوز المسجدَ حَتَّى أسلم عَلَيْك.

قَالَ أَبُو عُمر: ثمّ دخل بَغْدَاد أيامَ المهديّ، وطُلب فِي شهر رَمَضَان قارىء يقْرَأ فِي دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي التَّرَاوِيح، فذُكر لَهُ الكسائيُّ، فصلَّى بِمن فِي الدَّار، ثمَّ أُقعِدَ مؤدباً لِابْنِ أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَكِسْوَة وبرّ، وَدَار وبرذون.

قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَكَانَ الْكسَائي مولى بني أسَد. وَلما نَهَضَ هَارُون الرشيد إِلَى خُرَاسَان أنهضه مَعَه، فَكَانَ يزاملهُ فِي سَفَره، وَلما انْتهى إِلَى الريّ ماتَ بهَا.

قلت: وللكسائيّ كتابٌ فِي (مَعَاني الْقُرْآن) حسنٌ، وَهُوَ دونَ كتاب الْفراء فِي (الْمعَانِي) وَكَانَ أَبُو الْفضل المنذريّ ناولَني هَذَا الْكتاب وَقَالَ فِيهِ: أخبرتُ عَن مُحَمَّد بن جَابر، عَن أبي عُمر عَن الكسائيّ. وَله كتابٌ فِي (قراءات الْقُرْآن) ، قرأته على أَحْمد بن عليّ بن رَزِين وَقلت لَهُ: حدّثكم عبد الرَّحِيم بن حبيب عَن الكسائيّ. فأقرَّ بِهِ إِلَى آخِره. وَله كتابٌ فِي (النَّوَادِر) رَوَاهُ لنا الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء عَن الْكسَائي.

فَمَا كَانَ فِي كتابي لسَلمَة عَن الفرّاء عَن الْكسَائي فَهُوَ من هَذِه الْجِهَة، وَمَا كَانَ فِيهِ لأبي عبيدٍ عَن الكسائيّ فَهُوَ مِمَّا أسمعنيه الإياديّ عَن شِمر لأبي عبيد، أَو أسمعنيه ابْن هاجَك عَن ابْن جبلة عَن أبي عبيد فِي (غَرِيب الحَدِيث) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015