وهذه المرتبة التي من وصل إليها فقد وصل إلى آخر السعادات وأقصاها وهو الذي لا يبالي بفراق الأحباب من أهل الدنيا ولا يتحسر على ما يفوته من التنعم فيها. وهو الذي يرى جسمه وماله وجميع خيرات الدنيا التي عددناها في السعادات التي في بدنه الخارجة عنه كلها كلا عليه إلا في ضرورات يحتاج إليها لبدنه الذي هو مربوط به لا يستطيع الإنحلال عنه إلا عند مشيئة خالقه وهو الذي يتشاق إلى صحبة أشكاله وملاقاة من يناسبه من الأرواح الطيبة والملائكة المقربين. وهو الذي لا يفعل إلا ما أراده الله منه ولا يختار إلا ما قرب إليه لا يخالفه إلى شيء من شهواته الرديئة ولا ينخدع بخدائع الطبيعة ولا يلتفت إلى شيء يعوقه عن سعادته.

وهو الذي لا يحزن على فقد محبوب ولا يتحسر على فوت مطلوب. إلا أن هذه المرتبة الأخيرة تتفاوت تفاوتا عظيما أعني أن من يسل إليها من الناس يكون على طبقات كثيرة غير متقاربة.

وهاتان المرتبتان هما اللتان ساق الحكيم الكلام إليهما واختار المرتبة الأخيرة منهما وذلك في كتابه المسمى " فضائل النفس " وأنا أورد ألفاظه التي نقلت إلى العربية بعينها قال:؟؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015