عنده قدر الطعام الذي يستعظمه أهل الشره ويقبح عنده صورة من شره غليه وينال منه فوق حاجة بدنه أو مالا يوافقه حتى يقتصر على لون واحد. ولا يرغب في الألوان الكثيرة. وإذا جلس مع غيره لا يبادر إلى الطعام ولا يديم النظر إلى ألوانه ولا يحدق إليه شديدا. ويقتصر على ما يليه ولا يسرع في الأكل ولا يوالي بين اللقم بسرعة. ولا يعظم اللقمة ولا يبتلعها حتى يجيد مضغها. ولا يلطخ يده ولا ثوبه ولا يلحظ من يؤاكله ولا يتبع بنظره مواقع يده من الطعام. ويعود أن يؤثر غيره بما يليه إن كان أفضل ما عنده ثم يضبط شهوته حتى يقتصر على أدنى الطعام وأدونه. ويأكل الخبز القفار الذي لا أدم معه في بعض الأوقات وهذه الآداب وإن كانت جميلة بالفقراء فهي بالأغنياء أفضل وأجمل. وينبغي أن يستوفي غذاه بالعشي فإن استوفاه بالنهار كسل واحتاج إلى النوم وتبلد فهمه مع ذلك. وإن منع اللحم في أوقاته كان أنفع له وقعا في الحركة والتيقظ وقلة البلادة وبعثه على النشاط والخفة. وأما الحلواء والفاكهة فينبغي أن يمتنع منها ألبتة إن أمكن. وإلا فليتناول أقل ما يمكن فإنها تستحيل في بدنه فتكثر إنحلاله وتعوده مع ذلك على الشره ومحبة الإستكثار من المآكل. ويعود أن لا يشرب في خلال طعامه الماء. فإما النبيذ وأصناف الأشربة المسكرة فإياها وإياها فإنها تضره في بدنه ونفسه وتحمله على سرعة الغضب والتهور والإقدام على القبائح والقحة وسائر اخلال المذمومة.