ويحذر النظر في الأشعار السخيفة وما فيها من ذكر العشق وأهله وما يوهمه أصحابها، إنه ضرب من الظرف ورقة الطبع. فإن هذا الباب مفسدة للأحداث جدا. ثم يمدح بكل ما يظهر منه من خلق جميل وفعل حسن ويكرم عليه. فإن خالف في بعض الأوقات ما ذكرته فالأولى أن لا يوبخ عليه ولا يكاشف بأنه أقدم عليه بل يتغافل عنه تغافل من لا يخطر بباله أنه قد تجاسر على مثله ولا هم به لا سيما أن ستره الصبي واجتهد في أن يخفى ما فعله عن الناس فإن عاد فليوبخ عليه سرا وليعظم عنده ما أتاه. ويحذر من معاودته فإنك إن عودته التوبيخ والمكاشفة حملته على الوقاحة وحرضته على معاودة ما كان استقبحه وهان عليه سماع الملامة في ركوب قبائح اللذات التي تدعو إليها نفسه وهذه اللذات كثيرة جدا.
والذي ينبغي أن يبدأ به في تقويمها آداب المطاعم فيفهم أولا انها إنما تراد للصحة لا للذةز وأن الأغذية كلها إنما خلقت وأعدت لنا لتصح بها أبداننا وتصير مادة حياتنا. فهي تجري مجرى الأدوية ليتداوي بها الجوع والألم الحادث منه. فكما أن الدواء لا يرام للذة ولا يستكثر منه للشهوة فكذلك الأطعمة لا ينبغي أن يتناول منها إلا ما يحفظ صحة البدن ويدفع ألم الجوع ويمنع من المرض. فيحفر