وتلك النفس البهيمية عادمة للأدب غير قابلة له. وأما النفس الناطقة أعني العاقلة فهي كمال قال أفلاطون بهذه الألفاظ: أما هذه فبمنزلة الذهب في اللين والإنعطاف. وأما تلك فبمنزلة الحديد في الصلابة والإمتناع فإن أنت آثرت الفعل الجميل في وقت وجاذبيتك القوة الأخرى إلى اللذة وإلى خلاف ما ىثرت الفعل الجميل في وقت وجاذبيتك القوى الأخرى إلى اللذة وإلى خلاف ما آثرت فاستعن بقوة الغضب التي تثير وتهيج بالأنفة والحمية وأقهر بها النفس البهيمية. فإن غلبتك مع ذلك ثم ندمت وأنفت فأنت في طريق الصلاح فتمم عزيمتك واحذر أنت أن تعاودك بالطمع فيك والغلبة لك؟ فإن لم تفعل ذلك ولم تكن العقبة في الغلبة لك كنت كما قال الحكيم الأول: إني أرى أكثر الناس يدعون محبة الفعال الجميلة ثم لا يحتملون المؤنة فيها على علمهم بفضلها فيغلبهم الترفه ومحبة البطالة. فلا يكون بينهم وبين من لا يحب الأفعال الجميلة فرق إذا لم يحتملوا مؤنة الصبر ويصبروا إلى تعلم تمام ما آثروه وعرفوا فضله. واذكر مثل البئر التي تردى فيها الأعمى والبصير فيكونان في الهلكة سواء إلا أن الأعمى أعذر. ومن وصل من هذه الآداب إلى مرتبة يعتد بها واكتسب بها الفضائل التي عددنها فقد وجب عليه تأديب غيره وإفاضة ما أعطاه الله على أبناء جنسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015