نعوذ بالله من الإنتكاس في الخلق الذي سببه طاعة الشيطان واتباع الأبالسة فليست الإشارة بها إلى غير هذه القوى التي وصفناها ووصفنا أحوالها. نسأل الله عصمته ومعونته على تهذيب هذه النفوس حتى ننتهي فيها إلى طاعة الله التي هي نهاية مصالحنا وبها نجاتنا وخلاصنا إلى الفوزالأكبر والنعيم السرمدي.
وقد شبه الحكماء من أهمل سياسة نفسه العاقلة وترك سلطان الشهوة يستولي عليها برجل معه ياقوتة حمراء شريفة لا قيمة لها من الذهب والفضة جلالة ونفاسة. وكان بين يديه نار تضطرم فرماها في حباحبها حتى صارت كاسا لا منفعة فيها فخسرت فخسرت منافعها. فقد علمنا الآن أن النفس العاقلة إذا عرفت شرف نفسها وأحست بمرتبتها من الله عزوجل أحسنت خلافته في تربية هذه القوى وسياستها ونهضت بالقوة التي أعطاها الله تعالى إلى محلها من كرامة الله تعالى ومنزلتها من العلو والشرف ولم تخضع للسبعية ولا للبهيمية.
بل تقوم النفس الغضبية التي سميناها سبعية ونقودها إلى الأدب بحملها على حسن طاعتها. ثم تستنهضها في أوقات هيجان هذه النفس البهيمية وحركتها إلى الشهوات حتى يقمع بهذه سلطان تلك وتستخدمها في تأديبها وتستعين بقوة هذه على تأبى تلك. وذلك أن هذه النفس الغضبية قابلة للأدب قوية على قمع الأخرى كما قلنا.