وكذلك ما ترى فيهم من الجود والبخل والرخمة والقسوة والحسد وضده ومن الأحوال المتفاوتة ما تعرف به مراتب الإنسان في قبول الأخلاق الفاضلة وتعلم معه أنهم ليسوا على رتبة واحدة وأن فيهم المتواني والممتنع والسهل السلس والفظ العسر والخير والشرير. والمتوسطون بين هذه الأطراف في مراتب لا تحصى كثرة وإذا أهملت الطباع ولم ترض بالتأديب والتقويم نشأ كل إنسان على رسوم طباعه وبقي عمره كله على الحال التي كان عليها في الطفولية وتبع ما وافقه في الطبع أما الغضب وأما اللذة وأما الزعارة وأما الشره وأما غير ذلك من الطباع المذمومة.
والشريعة هي التي تقوم الأحداث وتعودهم الأفعال المرضية وتعد نفوسهم لقبول الحكمة وطلب الفضائل والبلوغ إلى السعادة الإنسية بالفكر الصحيح والقياس المستقيم وعلى الوالدين أخذهم بها وسائر الآداب الجميلة بضروب السياسات من الضروب إذا دعت إليه الحاجة أو التوبيخات أن صدتهم أو الأطماع في الكرامات أو غيرها مما يميلون إليه من الراحات أو يحذرونه من العقوبات. حتى إذا تعودوا ذلك واستمروا عليه مدة من الزمان كثيرة أمكن فيهم حينئذ أن يعلموا برهين ما أخذوه تقليدا وينبهوا على طرق الفضائل وإكتسابها والبلوغ إلى غاياتها بهذه الصناعة التي نحن بصددها.
والله الموفق