الخوف وأسبابه وعلاجه

ولما كان الخوف الشديد غير موضعه من أمراض النفس وكان متصلا بهذه القوة وجب أن نذكره ونذكر أسبابه وعلاجه فنقول: إن الخوف يعرض من توقع مكروه وانتظار محذور والتوقع والإنتظار إنما يكونان للحوادث في الزمان المستقبل.

وهذه الحوادث ربما كانت عظيمة وربما كانت يسيرة وربما كانت ضرورية وربماكانت ممكنة، والأمور الممكنة ربما كنا نحن أسبابها وربما كان غيرنا سببها وجميع هذه الأقسام لا ينبغي للعاقل أن يخاف منها.

أما الأمور الممكنة فهي بالجملة مترددة بين أن تكون وبين أن لا تكون ولا يجب أن يصمم على أنها تكون فيستشعر الخوف منها ويتعجل مكروه التألم بها وهي لم تقع بعد ولعلها لا تقع وقد أحسن الشاعر في قوله:

وقل للفؤاد أن ترى بك نزوة ... من الروع أفرج أكثر الروع باطله

فهذه حال ما كان منها عن سبب خارج وقد أعلمناك أنها ليست من الواجبات التي لا بد من وقوعها. وما كان كذلك فالخوف من مكروهه يجب أن يكون على قدر حدوثة. وإنما يحسن العيش وتطيب الحياة بالظن الجميل والأمل القوي وترك الفكر في كل ما يمكن أن لا يقع من المكاره وأما ما كان سببه سوء اختيارنا وجنايتنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015