الجبن والخور
وتتبعهما إهانة النفس وسوء العيش وطمع طبقات الأنذال وغيرهم من الأهل والأولاد والمعاملين وقلة الثبات والصبر في المواطن التي يجب فيها الثبات وهما أيضا سبب الكسل ومحبة الراحة اللذين هما سببا كل رذيلة ومن لواحقهما الإستحذاء لكل أحد والرضى بكل رذيلة وضيم. والدخول تحت كل فضيحة في النفس والأهل والمال وسماع كل قبيحة فاحشة من الشتم والقذف وإحتمال كل ظلم من كل معامل وقلة الأنفة مما يأنف منه الناس. وعلاج هذه الأسباب واللواحق يكون بأضدادها. وذلك بأن توقظ النفس التي تمرض هذا المرض بالهز والتحريك. فإن الإنسان لا يخلو من القوة الغضبية رأسا حتى تجلب إليه من مكان آخر ولكنها تكون ناقصة عن الواجب فهي بمنزلة النار الخامدة التي فيها بقية لقبول الترويح والنفخ فهي تتحرك لا محالة إذا حركت بما يلائمها وتبعث ما في طبيعتها من التوقد والتلهب. وقد حكي عن بعض المتفلسفين أنه كان يتعمد مواطن الخوف فيقف فيها ويحمل نفسه على المخاطرات العظيمة بالتعرض لها ويركب البحر عند اضطرابه وهيجانه ليعود نفسه الثبات في المخاوف ويحرك منها القوة التي تسكن عند الحاجة إلى حركتها ويخرجها عن رذيلة الكسل ولواحقه ولا يكره لمثل صاحب هذا المرض بعض المراء والتعرض للملاحاة وخصومة من يأمن غائلته حتى يقرب من الفضيلة التي هي وسط بين الرذيلتين أعني الشجاعة التي هي صحة النفس المطلوبة فإذا وجدها وأحس بها من نفسه كف ووقف ولم يتجاوزها حذرا من الوقوع في الجانب الآخر الذي علمناك علاجه.