أسباب الغضب

فهذه أسباب الغضب والأمراض الحادثة منها ومن عرف العدالة وتخلق بها كما قدمناه فيما تقدم سهل عليه علاج هذا المرض لأنه جورو خروج عن الإعتدال. ولذلك لا ينبغي أن نسميه بأسماء المديح. وأعني بذلك أن قوما يسمون هذا النوع من الجور أعني الغضب في غير موضعه رجزلية وشدة شكيمة ويذهبون به مذهب الشجاعة التي هي بالحقيقة اسم للمدح وشتان ما بين المذهبين. فإن صاحب هذا الخلق الذي ذممناه تصدر عنه أفعال رديئة كثيرة يجور فيها على نفسه ثم على إخوانه ثمعلى الأقرب فالأقرب من معامليه حتى ينتهي إلى عبيده وإلى حرمه فيكون عليهم سوط عذاب ولا يقيلهم عثرة ولا يرحم لهم عبرة وإن كانوا برآء من الذنوب غير مجترمين ولا مكتسبين سواء بل يتجرم عليهم ويهيج من أدنى سبب يجد به طريقا إليهم حتى يبسط لسانه ويده وهم لا يمتنعون منه ولا يتجاسرون على رده عن أنفسهم بل يذعنون له ويقرون بذنوب لم يقترفوها إستكفافا لشره وتسكينا لغضبه وهو مع ذلك مستمر على طريقته لا يكف يدا ولا لسانا وربما تجاوز في هذه المعاملة الناس إلى البهائم التي لا تعقل وإلى الأواني التي لا تحس. فإن صاحب هذاالخلق الردىء ربما قام إلى الحمار والبرذون أو إلى الحمار والعصفور فيتناولها بالضرر والمكروه وربما عض القفل إذا تعسر عليه وكسر الآنية التي لا يجد فيها طاعة لأمره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015