فيبنبغي أن لا نسرع إلى الإنتقام عند ضيم يلحقنا حتى ننظر فيه ونحذر أن لا يعود علينا الإنتقام بضرر أعظم من إحتمال ذلك الضيم. وهذا النظر والحذر هو استشارة العقل وهو الحلم بعينه.
وأما طلب الأمور التي فيها عزة وتتنافس فيها الناس فهو خطأ من الملوك والعظماء فضلا عن أوساط الناس. وذلك أن الملك إذا حصل في خزانته علق كريم أو جوهر نفيس فهو متعرض به للجزع عند فقده ولا بد من حلول الآفات به لما عليه طبيعة عالم الكون والفساد من تغيير الأمور وإحالتها وإدخال الفساد على كل ما يدخر ويقتني. فإذا فقد الملك ذخيرة عزيزة الوجود ظهر عليه ما يظهر على المفجوع المصاب بما يعز عليه وتبين فقره إلى نظيره الذي لا يجده فيطلع الصديق والعدو على حزنه وكآبته.
وحكى عن بعض الملوك أنه أهدى إليه قبة بلور صافية عجيبة النقاء والصفاء محكمة الخرط قد استخرج منها أساطين وصور خاطر بها صانعها مرة بعد مرة في تلخيص النقوش والخروق والتجاويف التي بين الصور والأوراق فلما حصلت بين يديه كثر عجبه منها وإعجابه بها وأمر فرفعت في خاص خزائنه فلم يأت عليها كثير زمان حتى أصابها ما يصيب أمثالها من المتالف وبلغ الملك ذلك فظهر عليه من الأسف والجزع ما منعه من التصرف في أموره والنظر في مهماته والجلوس لجنده وحاشيته