رد الصحة على النفس إذا لم تكن حاضرة وهو القول في علاج أمراضها ونبتدىء بمعونة الله تعالى بذكر أجناس هذه الأمراض الغالبة ثم بمداواة الأعظم فالأعظم منها نكاية والأكثر فالأكثر جناية فنقول: أما أجناسها الغالبة فهي مقابلات الفضائل الأربع التي أحصيناها في مبدأ الكتاب.

ولما كانت الفضائل أوساطا محمودة وأعيانا موجودة أمكن أن تطلب وتقصدن وتنتهي إليها الحركة والسعي والإجتهاد.

وأما سائر النقد التي ليست بأوساط فإنها غير محودة ولا أعيانها موجودة ووجودها بالعرض لا بالذات. ومثال ذلك أن الدائرة لها مركز واحد ولها نقطة واحدة ولها وجود في ذاتها يقصد ويشار إليها فإن لم نجدها حسا أو لم يمكننا الإشارة إليها أمكننا أن نستخرجها ونقيم البرهان على أنها هي المركز دون غيرها من النقط. وأما النقط التي ليست بمركز فإنها لا نهاية لها ولا وجود لها بالذات وإنما توجد إذا فرضت فرضا وليست لها عين قائمة فلذلك لا تقصد ولا يمكن استخراجها لأنها مجهولة ولأنها شائعا في جميع الدائرة.

وأما الطرفان اللذان يسميان متضادين فهما موجودان معينان لأنهما طرفا خط مستقيم معين والبعد بينهما غاية البعد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015