فمن عرض له مثل هذا فيجب عليه أن يضع لنفسه عقوبات يقابل بها أمثال هذه الذنوب فإذا أنكر من نفسه مبادرة إلى طعام ضار وترك حمية قد كان استشعرها أو تناول فاكهة غير موافقة أو حلواء كذلك عاقب نفسه بصوم لا يفطر فيه إلا على ألطف مما يقدر عليه وأقله وإن أمكنه الطى فليطو ويزيد في الحمية من غير حاجة إليها ويمكن في توبيخه لنفسه أن يقول لها إنك قصدت تناول النافع فتناولت الضار وهذا فعل من لا عقل له ولعل كثيرا من البهائم أحسن حالا منك لأنه ليس فيها ما تقصد لذة لها ثم تتناول ما يؤلمها فاستمسكي الآن للعقوبة. وإن أنكر من نفسه مبادرة إلى غضب في غير موضعه أو على من لا يستحقه أو زيادة على ما يجب منه فليقابل ذلك بالتعرض لسفيه يعرفه بالبذاء ثم ليحتمله وليتذلل لمن يعرفه بالخيرية ممن كان لا يتواضع له قبل ذلك أو ليفرض على نفسه مالا يخرجه صدقة وليجعل ذلك نذرا عليه لا يخل به. وإن أنكر من نفسه كسلا وتوانيا في مصلحة له فليعاقب نفسه بسعي فيه مشقة أو صلاة فيها طول أو بعض الأعمال الصالحة التي فيها كد وتعب وبالجملة فليرسم علىنفسه رسوما تصير عليها فرائض وحدودا لا يخل بها ولا يترخص فيها إذا أنكر من نفسه مخالفة لعقله وتجاوزا لمرسومه. وليحذر في جميع أوقاته ملابسة رذيلة أو مساعدة رفيق عليها أو مخالفة صواب ولا يستحقرن شيئا مما يأتيه من صغار السيئات ولا يطلبن رخصة فيها فإن ذلك يدعوه إلى أعظم منها.
ومن تعود في أول نشوه وحدثان شبابه ضبط النفس عن شهواتها عند ثورة غضبه وحفظ لسانه وإحتمال أقرانه خف عليهما يثقل على غيره ممن لم يتأدب بهذه الآداب.