ويزيل ذلك طلب العدالة ورضاء كل واحد بما يستحقه من الآخر وبذل كل واحد للآخر العدل المبسوط بينهما.
والمماليك خاصة لا يرضيهم من مواليهم إلا الزيادة الكثيرة في الإستحقاق وكذلك الموالي يستبطئون العبيد في الخمدمة والشفقة والنصيحة وفي جميع ذلك يقع اللوم وفساد الضمير.
فهذه المحبة اللوامة لا يكاد يخلوا الإنسان منها إلا على شريطة العدل وطلب الوسط من الإستحقاق والرضا به وهو صعب.
وأما محبة الأخيار بعضهم بعضا فإنها تكون لا للذة خارجة ولا لمنفعة بل للمناسبة الجوهرية بينهما وهي قصد الخير والتماس الفضيلة. فإذا أحب أحدهم للمناسبة الجوهرية بينهما وهي قصد الخير والتماس الفضيلة. فإذا أحب أحدهم الآخر لهذه المناسبة لم تكن بينهم مخالفة ولا منازعة ونصح بعضهم بعضا وتلاقوا بالعدالة والتساوي في إرادة الخير وهذا التساوي في النصيحة وإرادة الخير هو الذي يوحد كثرتهم. ولهذا حد الصديق بأنه آخر هو أنت إلا أنه غيرك بالشخص ولهذا صار عزيز الوجود ولم يوثق بصداقة الأحداث والعوام ومن ليس بحكيم لأن هؤلاء يحبون ويصادقون لأحل اللذة والمنفعة ولا يعرفون الخير بالحقيقة وأغراضهم غير صحيحة، وأما للسلاطين فإنهم يظهرون الصداقة على أنهم متفضلون ومحسنون إلى من يصادقهم فلا يدخلون تحت الحد الذي ذكرناه وفي صداقتهم زيادة ونقصان المساواة عزيزة الوجود عندهم.