في كل جماعة بينهم نهر يلقى ماؤه أرض بعضهم قبل أن تلقى غيرها من أرضي شركائه أن يكون أحق بمائه حتى تروى أرضه ثم كذلك التي تليها من الأرضين حتى ينتهي ذلك إلى آخرها فيكون أهل كل أرض هي فوق أخرى ممن له شرك في ذلك النهر أحق بمائه ممن أرضه

ذَلِك بَين الزبير والأنصاري، فَيكون ذَلِك حكما من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كل جمَاعَة بَينهم نهر يلقى مَاؤُهُ أَرض بَعضهم قبل أَن تلقى غَيرهَا من أرضي شركائه، أَن يكون أَحَق بمائه حَتَّى تروى أرضه، ثمَّ كَذَلِك الَّتِي تَلِيهَا من الْأَرْضين حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِك إِلَى آخرهَا، فَيكون أهل كل أَرض هِيَ فَوق أُخْرَى مِمَّن لَهُ شرك فِي ذَلِك النَّهر أَحَق بمائه مِمَّن أرضه أَسْفَل مِنْهَا؟

قيل: دليلنا على أَن ذَلِك المَاء كَانَ من عُيُون السَّمَاء، وَمن السهول الَّتِي لَا مَالك لَهَا غير محدثها، وَأَنه لم يكن من عين استنبطها نفر بنفقاتهم، فَذَلِك بَينهم على قدر حُقُوقهم فِيهِ، لَيْسَ لأحد مِنْهُم منع أحد من شركائه فِيهِ حَقه مِنْهُ فِي وَقت من الْأَوْقَات، وَلَا سَاعَة من السَّاعَات، وَلَا لَهُ الاستئثار بمائه دون شركائه فِيهِ، وَلَا دون أحد مِنْهُم بِغَيْر رضاهم بِإِجْمَاع من الْجَمِيع.

ليقضي للزبير بحبس حق شريكه فيه لنفسه ومنع شريكه فيه حقه منه لأن الله تعالى ذكره كان بعثه بالإنصاف في الأخذ للمظلوم من الظالم هو القائل

وَفِي حكم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للزبير بِحَبْس المَاء الَّذِي لَقِي أرضه قبل أَرض الْأنْصَارِيّ مَعَ مُنَازعَة الْأنْصَارِيّ إِيَّاه ذَلِك ومخاصمته إِيَّاه فِيهِ، حَتَّى يبلغ الْجدر أَو الْكَعْبَيْنِ: الْبَيَان الْبَين أَن ذَلِك كَانَ من مياه السُّيُول والأودية الَّتِي لَا مَالك لَهَا غير الله - تبَارك وَتَعَالَى - الَّتِي تحدث عَن الْعُيُون الَّتِي ينزلها الله - تَعَالَى ذكره - من سمائه أَو من دون الثلوج، لَا من الْعُيُون الَّتِي استنبطها أهل الْأَرْضين الَّتِي كَانَت مِنْهَا شربهَا؛ لِأَن ذَلِك لَو كَانَ من عين استخرجها الزبير والأنصاري أَو أَرْبَاب الْأَرْضين الَّتِي كَانَت تشرب من ذَلِك المَاء: لم يكن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليقضي للزبير بِحَبْس حق شَرِيكه فِيهِ لنَفسِهِ، وَمنع شَرِيكه فِيهِ حَقه مِنْهُ؛ لِأَن الله - تَعَالَى ذكره - كَانَ بَعثه بالإنصاف فِي الْأَخْذ للمظلوم من الظَّالِم، هُوَ الْقَائِل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا قدست أمة لَا يَأْخُذ ضعيفها من قويها حَقه، وَهُوَ غير متعتع ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015