الَّتِي وَردت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا ذكرت صَحِيحَة ( {) وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك مدافعا غَيره، وَلَا نَاسخ فِيهِ، وَلَا مَنْسُوخ. وَلَو كَانَ فِي ذَلِك نَاسخ أَو مَنْسُوخ، لقد كَانَت الْأمة نقلت بَيَان ذَلِك كَمَا نقلت مَا رَوَت مِمَّا ذكرنَا، وَإِنَّمَا كَانَ نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن التكني بكنيته تكرها لَا تَحْرِيمًا وحظرا. وَكَانَ إِطْلَاقه لعَلي فِي تَسْمِيَة ابْنه باسمه، وتكنيته بكنيته إعلاما مِنْهُ أمته أَن نَهْيه عَن الْجمع بَين اسْمه وكنيته أَو التكني بكنيته كَانَ على مَا ذكرنَا من التكره، لَا على الْحَظْر وَالتَّحْرِيم.
وَذَلِكَ أَن ذَلِك لَو كَانَ على الْحَظْر وَالتَّحْرِيم، لم تجْهَل الْأمة ذَلِك، وَلم يُطلق الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار التسمي باسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والتكني بكنيته لمن فعل ذَلِك، وَلَا نكروه}
وَقد سمى جمَاعَة مِنْهُم وَلَده مُحَمَّدًا، وكناه أَبَا الْقَاسِم، فَلم يُنكر ذَلِك على من فعله مِنْهُم مُنكر {وَفِي تَركهم النكير على من فعل ذَلِك، ورضاهم بِمَا فعل من ذَلِك: الدَّلِيل الْوَاضِح على أَن نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّا نهى من الْجمع بَين اسْمه وكنيته أَو التكني بكنيته، كَانَ على مَا وصفت من الْكَرَاهَة، لَا على وَجه الْحَظْر وَالتَّحْرِيم، وَأَن إِطْلَاقه لمن أطلق ذَلِك كَانَ على مَا بيّنت عَاما لجَمِيع أمته، وعَلى مَا قلت من قَصده إِلَى الْبَيَان لأمته من أَن نَهْيه كَانَ على وَجه الْكَرَاهَة، لَا على التَّحْرِيم}
فَإذْ كَانَ الْأَمر فِي ذَلِك كَالَّذي وَصفنَا، فَأحب الْأُمُور إِلَيّ أَلا يتكنى أحد بِأبي الْقَاسِم تكرها لَا تَحْرِيمًا. فَإِن تكنى بذلك فَأحب إِلَيّ أَلا يتكنى بِهِ من كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا؛ لِئَلَّا يكون جَامعا بَين اسْم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكنيته. فَإِن تكنى بعض من كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا لم أره تقدم على مَعْصِيّة لله، وَلَا أَنه لزمَه بِفِعْلِهِ ذَلِك إِثْم، وَإِن كرهته لما قد بيّنت قبل!