وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان خشية أن يتدنَّس المسلم بشيء من أمر الكفار ـ الذين قد يئس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب ـ فالخشية من تدنسه بأوضار (?) الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوْكد، كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم؟.

الوجه الثالث من السنة: أن هذا الحديث وغيره، قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها، ومعلوم أنه بمبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، محى الله ذلك عنه، فلم يبق شيء من ذلك.

ومعلوم أنه لولا نَهْيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد، لأن المقتضي لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد، خصوصاً أعياد الباطل، من اللعب واللذات، ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد، فإن العادة طبيعة ثانية، وإذا كان المقتضي قائماً قوياً، فلولا المانع القوي، لما درست تلك الأعياد.

وهذا يوجب العلم اليقيني، بأن إمام المتقين - صلى الله عليه وسلم - كان يمنع أمته منعاً قوياً عن أعياد الكفار، ويسعى في دروسها، وطمسها بكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015