والسائل لا يتخذ المكان عيداً، بل يذبح فيه فقط: فقد ظهر أن ذلك سَدٌّ للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم، خشية أن يكون الذبح هناك سبباً لإحياء أمر تلك البقعة، وذريعة إلى اتخاذها عيداً، مع أن ذلك العيد إنما كان يكون ـ والله أعلم ـ سوقاً يتبايعون فيها، ويلعبون، كما قالت له الأنصار: يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية. لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم ولهذا فرق - صلى الله عليه وسلم - بين كونها مكان وثن، وكونها مكان عيد. وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان.
وأعياد الكفار: من الكتابِيِّين والأميين، في دين الإسلام، من جنس واحد، كما أن كفر الطائفتين سواء في التحريم، وإن كان بعضه أشد تحريماً من بعض، ولا يختلف حكمهما في حق المسلم، لكن أهل الكتابين أُقِرُّوا على دينهم، مع ما فيه من أعيادهم، بشرط: أن لا يظهروها، ولا شيئاً من دينهم، وأولئك لم ُيقَرُّوا، بل أعياد الكتابيين ـ التي تتخذ دينا وعبادة ـ أعظم تحريماً من عيد يتخذ لهواً ولعباً، لأن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات بما حرمه، ولهذا كان الشرك أعظم إثماً من الزنا.