ورسوله، والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أن الصلاة عند القبر ـ أي قبر كان ـ لا فضل فيها لذلك، ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلاً، بل مزية شر.
واعلم أن تلك البقعة، وإن كانت قد تنزل عندها الملائكة والرحمة، ولها شرف وفضل، لكن دين الله تعالى بين الغالي فيه والجافي عنه. فإن النصارى عظموا الأنبياء حتى عبدوهم، وعبدوا تماثيلهم، واليهود استخفوا بهم حتى قتلوهم. والأمة الوسط، عرفوا مقاديرهم فلم يغلوا فيهم غلو النصارى، ولم يجفوا عنهم جفاء اليهود، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه: «لا تُطْرُونِي كما أَطْرَتْ النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله». [البخاري3445] فإذا قُدِّر أن الصلاة هناك توجب من الرحمة أكثر من الصلاة في غير تلك البقعة، كانت المفسدة الناشئة من الصلاة هناك تربي (?) على هذه المصلحة، حتى تغمرها أو تزيد عليها. بحيث تصير الصلاة هناك مُذهِبة لتلك الرحمة، ومُثْبِتة لما يوجب العذاب، ومن لم تكن له بصيرة يدرك بها الفساد الناشئ من الصلاة عندها، فيكفيه