قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وبتماثيل يزعمون أنها طلاسم للكواكب، ونحو ذلك. فإن يُشْرَك بقبر الرجل الذي يُعتقد نبوَّته أو صلاحه، أعظم من أن يشرك بخشبة أو حجر على تمثاله. ولهذا نجد أقواماً كثيرين يتضرعون عندها، ويخشعون ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في المسجد، بل ولا في السَّحَر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد التي تشد إليها الرحال.

فهذه المفسدة ـ التي هي مفسدة الشرك، كبيره وصغيره ـ هي التي حسم النبي - صلى الله عليه وسلم - مادتها، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا، وإن لم يقصد المصلي بَرَكة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بَرَكة المساجد الثلاثة، ونحو ذلك. كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس، واستوائها وغروبها لأنها الأوقات التي يقصد المشركون بركة الصلاة للشمس فيها، فينهى المسلم عن الصلاة حينئذ ـ وإن لم يقصد ذلك ـ سدًا للذريعة.

فأما إذا قصد الرجل الصلاة عند بعض قبور الأنبياء والصالحين، متبركاً بالصلاة في تلك البقعة، فهذا عين المحادّة لله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015