فليكن كذلك في المبدأ الأول فيلزم منه كثرة ويلزم فيه تربيع لا تثليث بزعمهم، فإنه ذاته وعقله مبدأه وإنه ممكن الوجود بذاته. ويمكن أن يزاد أنه واجب الوجود بغيره فيظهر تخميس، وبهذا يتعرف تعمق هؤلاء في الهوس.
التثيلث لا يكفي في جرم السماء الأول الاعتراض الرابع أن نقول: التثليث لا يكفي في المعلول الأول فإن جرم السماء الأول لزم عندهم من معنى واحد من ذات المبدأ وفيه تركيب من ثلاثة أوجه: لا بد له من صورة وهيولى أحدها أنه مركب من صورة وهيولى وهكذى كل جسم عندهم. فلا بد لكل واحد من مبدأ إذ الصورة تخالف الهيولى. وليست كل واحدة على مذهبهم علة مستقلة للأخرى حتى يكون أحدهما بواسطة الآخر من غير علة أخرى زائدة عليه.
ومقدار ...
الثاني أن الجرم الأقصى على حد مخصوص في الكبر. فاختصاصه بذلك القدر من بين سائر المقادير زائد على وجود ذاته إذ كان ذاته ممكناً أصغر منه وأكبر فلا بد له من مخصص بذلك المقدار زائد على المعنى البسيط الموجب لوجوده، لا كوجود العقل فإنه وجود محض لا يختص بمقدار مقابل لسائر المقادير. فيجوز أن يقال: لا يحتاج إلا إلى علة بسيطة.
قولهم لا غنى عنه في تحصيل النظام فإن قيل: سببه أنه لو كان أكبر منه لكان مستغنى عنه في تحصيل النظام الكلي، ولو كان أصغر منه لم يصلح للنظام المقصود.
فنقول: وتعين جهة النظام هل هو كاف في وجود ما به النظام أم يفتقر إلى علة موجدة؟ فإن كان كافياً فقد استغنيتم عن وضع العلل، فاحكموا بأن كون النظام في هذه الموجودات اقتضى هذه الموجودات بلا علة زائدة، وإن كان ذلك لا يكفي بل افتقر إلى علة فذلك أيضاً لا يكفي للاختصاص بالمقادير بل يحتاج أيضاً إلى علة التركيب.