كما أن ما بقي عند طريان الوجود يكون غير ما طرى وقد كان ما فيه قوة قبول الطاري.
فيلزم أن يكون الشيء الذي طرى عليه العدم مركباً من شيء انعدم ومن قابل للعدم بقي مع طريان العدم وقد كان هو حامل قوة العدم قبل طريان العدم ويكون حامل القوة كالمادة والمنعدم منها كالصورة.
ولكن النفس بسيطة وهي صورة مجردة عن المادة لا تركيب فيها، فإن فرض فيها تركيب من صورة ومادة فنحن ننقل البيان إلى المادة التي هي السنخ والأصل الأول، إذ لا بد وأن ينتهي إلى أصل فنحيل العدم على ذلك الأصل وهو المسمى نفساً، كما نحيل العدم على مادة الأجسام فإنها أزلية أبدية، إنما تحدث عليها الصور وتنعدم منها الصور وفيها قوة طريان الصور عليها وقوة انعدام الصور منها فإنها قابلة للضدين على السواء وقد ظهر من هذا الوجود أن كل موجود أحدى الذات يستحيل عليه العدم.
ويمكن تفهيم هذا بصيغة أخرى وهو أن قوة الوجود للشيء يكون قبل وجود الشيء فيكون لغير ذلك الشيء ولا يكون نفس قوة الوجود. بيانه أن الصحيح البصر يقال أنه بصير بالقوة أي فيه قوة الإبصار، ومعناه أن الصفة التي لا بد منها في العين ليصح الإبصار موجودة، فإن تأخر الإبصار فلتأخر شرط آخر فيكون قوة الإبصار للسواد مثلاً موجوداً للعين قبل إبصار السواد بالفعل، فإن حصل إبصار السواد بالفعل لم يكن قوة إبصار ذلك السواد موجوداً عند وجود ذلك الإبصار إذ لا يمكن أن يقال: مهما حصل الإبصار فهو مع كونه موجوداً بالفعل موجود بالقوة، بل قوة الوجود لا يضام حقيقة الوجود الحاصل بالفعل أبداً.
لو انعدم الشيء البسيط
لاجتمع في الشيء الواحد قوة الوجود مع حصول الوجود
وإذا ثبتت هذه المقدمة فنقول: لو انعدم الشيء البسيط لكان إمكان