هذا الإنسان هو ذلك الإنسان بعينه وحتى أنه يبقى معه علوم من أول صباه ويكون قد تبدل جميع أجسامه. فدل أن للنفس وجوداً سوى البدن وأن البدن آلته.
الاعتراض أن هذا ينتقض بالبهيمة والشجرة إذا قيست حالة كبرهما بحالة الصغر فإنه يقال إن هذا ذاك بعينه، كما يقال في الإنسان، وليس يدل ذلك على أن له وجوداً غير الجسم.
وما ذكر في العلم يبطل بحفظ الصور المتخيلة فإنه يبقى في الصبي إلى الكبر وإن تبدل سائر أجزاء الدماغ فإن زعموا أنه لم يتبدل سائر أجزاء الدماغ فكذى سائر أجزاء القلب وهما من البدن فكيف يتصور أن يتبدل الجميع؟
بل نقول: الإنسان وإن عاش مائة سنة مثلاً فلا بد وأن يكون قد بقي فيه أجزاء من النطفة فأما أن تنمحى عنه فلا فهو ذلك الإنسان باعتبار ما بقي، كم أنه يقال: هذا ذاك الشجر وهذا ذاك الفرس، ويكون بقاء المني مع كثرة التحلل والتبدل.
مثاله ما إذا صب في موضع رطل من الماء ثم صب عليه رطل آخر حتى اختلط به ثم أخذ منه رطل ثم صب عليه رطل آخر ثم أخذ منه رطل