يستدعي وجود أحدهما وجود الآخر.
وقولوا إن الله يقدر على خلق إرادة من غير علم بالمراد وخلق علم من غير حيوة ويقدر على أن يحرك يد ميت ويقعده ويكتب بيد مجلدات ويتعاطى صناعات وهو مفتوح العين محدق بصره نحوه ولكنه لا يرى ولا حيوة فيه ولا قدرة له عليه، وإنما هذه الأفعال المنظومة يخلقها الله تعالى مع تحريك يده والحركة من جهة الله، وبتجويز هذا يبطل الفرق بين الحركة الاختيارية وبين الرعدة فلا يدل الفعل المحكم على العلم ولا على قدرة الفاعل.
وينبغي أن يقدر على قلب الأجناس فيقلب الجوهر عرضاً ويقلب العلم قدرة والسواد بياضاً والصوت رائحة كما اقتدر على قلب الجماد حيواناً والحجر ذهباً، ويلزم عليه أيضاً من المحالات ما لا حصر له.
والجواب أن المحال غير مقدور عليه والمحال إثبات الشيء مع نفيه أو إثبات الأخص مع نفي الأعم أو إثبات الاثنين مع نفي الواحد، وما لا يرجع إلى هذا فليس بمحال وما ليس بمحال فهو مقدور.
المحال أن يجمع بين السواد والبياض
وأن يكون الشخص في مكانين ... الخ
أما الجمع بين السواد والبياض فمحال لأنا لا نفهم من إثبات صورة السواد في المحل نفي هيئة البياض ووجود السواد فإذا صار نفي البياض مفهوماً من إثبات السواد كان إثبات البياض مع نفيه محالاً. وإنما لا يجوز كون الشخص في مكانين لأنا نفهم من كونه في البيت عدم كونه في غير البيت فلا يمكن تقديره في غير البيت مع كونه في البيت المفهم لنفيه عن غير البيت.