على كل محل إلا ما تعين قبوله له بكونه مستعداً في نفسه، والاستعدادات مختلفة ومبادئها عندهم امتزاجات الكواكب واختلاف نسب الأجرام العلوية في حركاتها.
فقد انفتح من هذا أن مبادىء الاستعدادات فيها غرائب وعجائب حتى توصل أرباب الطلسمات من علم خواص الجواهر المعدنية وعلم النجوم إلى مزج القوى السماوية بالخواص المعدنية فاتخذوا أشكالاً من هذه الأرضية وطلبوا لها طالعاً مخصوصاً من الطوالع وأحدثوا بها أموراً غريبة في العالم فربما دفعوا الحية والعقرب عن بلد والبق عن بلد إلى غير ذلك من أمور تعرف من علم الطلسمات.
فإذا خرجت عن الضبط مبادىء الاستعدادات ولم نقف على كنهها ولم يكن لنا سبيل إلى حصرها فمن أين نعلم استحالة حصول الاستعداد في بعض الأجسام للاستحالة في الأطوار في أقرب زمان حتى يستعد لقبول صورة ما كان يستعد لها من قبل وينتهض ذلك معجزة؟ ما إنكار هذا إلا لضيق الحوصلة والأنس بالموجودات العالية والذهول عن أسرار الله سبحانه في الخلقة والفطرة، ومن استقرأ عجائب العلوم لم يستبعد من قدرة الله ما يحكى من معجزات الأنبياء بحال من الأحوال.
فإن قيل: فنحن نساعدكم على أن كل ممكن مقدور لله وأنتم تساعدون على أن كل محال فليس بمقدور، ومن الأشياء ما يعرف استحالتها ومنها ما يعرف إمكانها ومنها ما يقف العقل فلا يقضي فيه باستحالة ولا إمكان. فالآن ما حد المحال عندكم؟ فإن رجع إلى الجمع بين النفي والإثبات في شيء واحد فقولوا إن كل شيئين ليس هذا ذاك ولا ذاك هذا فلا