إنه لمثير الدهشة أن تجد هذا الكم من الآباء يسألون نفس هذا السؤال، وأكثر إثارة للدهشة أن يصاب أحدهما بالإحباط عندما تكون الإجابة في صالح الآخر.
ومن المضحك أن ترى رد فعل الآباء عندئذ وهم يضعون أنوفهم "عيونهم، شفاههم" بجانب الطفل ومحاولة إقناعك بشدة التقارب بينهما ... "كيف تستطيع أن تقول ذلك؟ إن لها نفس ملامح الوجه، وأنفها في وسط وجهها تماما مثلى لكن والدها أنفه معلقة هناك" ... فبعض الآباء يأخذون هذا بجدية ويعتبرون أن الطفل الذ له ملامح من أحدهما أنه يحبه أكثر ويكون قريبا منه أكثر بل ويميل إلى التشبه به دائما، وطبعا هذا هراء.
من الطبيعي أن يشبه الطفل أبواه وبعض الملامح تكون مشتركة منهما معا أو بينهما كلون الجلد مثلا لكنه في النهاية يكون أكثر الشبه منهما معا.
ليس عيبا أن نسأل هذا السؤال "وسوف يفعله معظم الآباء، ما دمنا لا نردده أكثر من اللازم أو نجد فيه أي قدر من الأهمية، فالطفل الذي له 47 وجه شبه من أمه مقابل 21 من أبيه لا يعني هذا أن يكون قريبا منها أو يماثلها، فهناك أشياء كثيرة قد لا نراها ولا نستطيع مقارنتها مثل الطموح والشخصية وما إلى ذلك، أما شكل الأنف فحقيقة لا يعني شيئا.
نحن تولد بجينات وراثية قد تنعكس في المستقبل تأثيراتها على الحيوية أو العدوانية ولا يجب أن ننسى تأثر الطفل بالبيئة المحيطة وبالأسرة وبكل الأحداث المتلاحقة منذ ولادته.
إن الطفل لم يولد مثل أبيه وأمه فكل الناس مختلفون، والناس المختلفون عبارة عن نتاج اثنين مختلفين أيضا "بما تتحكم البيئة المحيطة فيهم" فمن الضروري أن نتذكر هذا، فقد يورث أطفالنا هذا التفكير ويؤذيهم أن يلاحظوا الغيرة والتنافس بين أكثر اثنين يحبونهما في هذا العالم.
قد يصبح السؤال هذا أقل أهمية عندما نعرف أن ملامح الطفل تتغير خلال الست سنوات الأولى، يقول الأب: لقد كان طفلي شديد الشبه بي حتى بلوغ عام، له نفس الوجه، ونفس القدم، ونفس اللون، وعندما تم أربع سنوات فقد أصبح نسخة طبق الأصل من زوجتي، وهذا شائع حدوثه، وكلما زاد نمو الطفل قلت التغيرات الطبيعية وتطورت التغيرات في الشخصية، وفي معظم الأوقات نجد
الآباء يفاجئون بما يفعله أبناؤهم وقد يرونهم شخصيات مستقلة وفريدة ولا يشبهون أي إنسان آخر.
فإذا وصل هذا المفهوم إلى أذهاننا وأدركنا أن اختلاف الطفل يحدد باختلاف شخصيته وطباعه وليس باختلاف أنفه، فسوف نتغلب على هذا الضيق الذي يصاحبنا "والأطفال أيضا" عندما نسأل من يشبه الطفل أكثر.