يتمنون التسلية قليلا، إنهم في معاملة قاسية، وحينما يخرجون في السادسة صباحا كانت أرجلهم تبلل بالندى البارد لأنهم يرتدون القباقيب فلا توجد أحذية.

وهكذا فإن الوالدين يفصلان وقت الطفل ويدبرانه. ومع تقدم عمر الطفل لا يعتمد الأجداد على قصص الكائنات الخرافية ولكن يستخدمونه السخرية والتهكم في عباراتهم مثل "أنت تخاف من ظلك".. ومع العام السابع يتحمل الطفل مسئولات الذهاب بالحيوانات إلى الحقول أو زرع الحبوب.

وإذا كان الأجداد يؤدبون الأطفال بالكلام، فإن الوالدين يستخدمان العقوبات البدنية فبعضهم يستخدم الحريق لإيلام الطفل أو يضربه بخرقة مبللة للتأديب. وأحيانا يستنجد الآباء بأشخاص حقيقيين مثل شيخ القرية لتأنيب الطفل، وبعض الآباء يجلدون الأطفال بالسوط.

وبالرغم من العقوبات الشديدة التي يسلطها الوالدان، إلا أنهما يكنان للأطفال حبا وحنان غزيرا. ولكن لا نستطيع القول بأن الوالدين كانا ينقلان أي علم أو معرفة إلى أولادهما، ولكن التدرب يأتي من الملاحظة في صمت ويكاد التعلم يقصر على النظر. كان الأطفال يفعلون لأنهم يلاحظون آباءهم يفعلون. لا مجال لأي حوار، إنها تربية بصرية.

وهذا الكبت للكلمة بين الأجيال المتعاقبة لا يكون داخل البيت فحسب أو على المائدة فحسب، وإنما في الأماكن العامة التي يتردد عليها الكبار. إن أقصى شيء يفعله الأطفال في حضرة الكبار أن ينظروا ويسمعوا، ويروا ويتعلموا، والكبار فقط لهم حق الكلام.

ومن هنا يتعلم الاطفال كيف يتحكمون في الكلام، ويرددونه قبل أن تنطلق به ألسنتهم، وقلما تحاور الآباء والأطفال.

أما في الآونة الحديثة، فإن التقنية غيرت كثيرا، إذ بإمكان الفلاحات أن ترعى الأطفال، وتخلصت من نشاط الفلاحة، وإذا كانت بعض النساء تعمل طوال اليوم خارج المنزل، فلقد أصبحن يوكلن الرضيع لأحد مقابل أجر، إلا أن أغلب الأمهات الآن يكرسن كل وقتهن لرضيعهن لتقلص أعمالهن المنزلية، وابتداء من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015