بذات الدين تربت يداك» (?) أي تخطب المرأة ويطلب الزواج منها لهذه الأمور.

وكذلك كنّى القرآن عن محل الجماع بالحرث والتغشي، فأما الحرث ففي قوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (البقرة: 223)، والتغشي في قوله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} (الأعراف: 189).

وكذلك كنَّى القرآن عن مقدمات الجماع بالمراودة، كما في قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} (يوسف: 23)، فهو كناية عما تطلب المرأة من الرجل وما يطلبه الرجل من المرأة.

وبمثل هذا الأدب كنى القرآن عن محل الجماع بـ (الفرج)، في قوله: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} (الأنبياء: 91)، وهو لفظ كناية، وليس بلفظ صريح، كما توهم الجهلة من أعاجم العربية، فالفرج عند العرب يراد به أصلاً فرج القميص، أي شقه، ومنه قوله تعالى: {مَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} (ق: 26)، والتعبير به عن موضع العفة من ألطف الكنايات وأحسنها.

قال الجرجاني: "فرج بالسكون، والفرجة الشق بين الشيئين، والفرج ما بين الرجلين .. وقال بعضهم أصله الشق، وكني به عن السوأة، وكثر حتى صار كالصريح" (?).

وحين تحدث القرآن عن التبول والتغوط لم يصرح بهما، بل ذكر لازمهما، وهو الطعام والشراب، فقال عن المسيح وأمه: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المائدة: 75).

وأما لفظة (الغائط) فهي أيضاً من ألفاظ الكناية، وهي صورة أخرى من صور الأدب القرآني، لأن الغائط في لغة العرب ليس اسماً للعذرة التي تخرج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015